كان يتوجب على الرئيس الفرنسي(ماكرون)أن يعض على لسانه مائة مرة قبل أن يقول جملة (الإرهاب الإسلامي)ليس لأنها جملة كاذبة وليس لها مدلول أو وجود في الوجود. ولكن وهو الأهم لأنه قادم أصلا من بلاد(الإرهاب التاريخي الشامل)اذا جاز الوصف... تاريخي لأنه في كل مراحل التاريخ كان الإرهاب فعلا فرنسيا بامتياز.. وشامل لأنه كان إرهابا بين الفرنسيين انفسهم مرات ومرات كثيرة. وإرهابا استعماريا بين الفرنسيين وباقي البشر في أوروبا وأفريقيا واسيا . أمير الشعراء الفرنسيين بيير دو رونسار عاش في الفترة من(1524-1585م)له قصيدة طويلة عبارة عن مقاطع شعرية(250 مقطع)بعنون(خطابات عن ضروب البؤس في زماننا) ..يعتصره فيها الألم شعرا ونثرا ل(الإرهاب المسيحي) الذى يضرب أوروبا وفرنسا على وجه الخصوص..الى حد أنه قال(اذا كان الدين المسيحى نفسه يحمل بذور كل هذا العداء أو ليس من الأفضل أن نعود للوثنية) و كانت فرنسا قد شهدت سنوات عار مشين تمثل في 8 حروب دينية من 1562 إلى 1598 امتدت قرابة أربعين ويحكى ديورانت في قصة الحضارة عن مذبحة (سان بارتيليمي) التى حدثت عام في صيف عام 1572 و ذبح خلالها ما يقرب من 30 ألف بروتستانتي فرنسي على يد الإرهابيين الكاثوليك بهدف القضاء على البروتستانت نهائيا ..(تصفية) تامة بأوامر مباشرة من الملك شارل التاسع و والدته كاترين دي ميديشي والتى وجه لها شاعرنا الكبير التساؤلات السابقة وكانت الكنيسة والبابوية الكاثوليكية متواطئة ومشاركة في المجزرة.(البابا فرنسيس سيزور الإمارات غدا وسيقيم أول قداس في الجزيرة العربية لمليون مغترب يعملون في الإمارات عنوانه _اجعل مني أداة للسلام_ وهو اذا يقوم بذلك فإنه يعكس الماضي المجيد للكنيسة الكاثوليكية كما يوضح لنا التاريخ الأكثر مجدا للإرهاب الكنسي) ..الكتاب المقدس يحتوي على أكثر من 15000 آية عنف دموي وقتل وذبح بحد السيف كما ذكرت الأستاذة الدكتورة زينب عبد العزيز_83 عاما أمد الله في عمرها_ أستاذ الأدب الفرنسي والحضارة الغربية بجامعة القاهرة في كتابها (حرب صليبية بكل المقاييس)الذى أصدرته دار الكتاب العربي عام2003م في إنجيل لوقا(أما أعدائي أولئك الذين لم يريدوا ان املك عليهم فأتوا بهم الى هنا واذبحوهم قدامي..)وفى انجيل متى (لا تظنوا اني جئت لألقي سلاما على الأرض. ما جئت لألقي سلاما بل سيفا) وفى العهد القديم في سفر صموئيل الأول (فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة. طفلا ورضيعا. بقرا وغنما. جملا وحمارا). يقول الكاتب الاسرائيلى (يورى افنيرى)فى مقالة مهمة نشرها على موقع كاونتربنش بالانجليزية عام 2006م بعنوان(سيف محمد) وترجمها الاستاذ/مكاوى سعد مكاوى : لعب الصراع بين الأباطرة والباباوات دوراً محورياً في التاريخ الأوروبي وأدى إلى تقسيم الشعوب والأمم ..عمل بعض الأباطرة على عزل أو طرد أحد الباباوات وقام بعض الباباوات بعزل أو طرد أحد الأباطرة ..وهناك فترات عاش فيها الأباطرة والباباوات في وئام وسلام. ونحن نشهد مثل هذا الفترة في أيامنا هذه. إذ توجد بين البابا الحالي بنيديكت السادس عشر والإمبراطور الحالي جورج بوش الثاني مرحلة رائعة من الانسجام والاتفاق. إذ تتوافق الكلمة التي ألقاها البابا في الأسبوع الماضي والتي أثارت عاصفة عالمية مع الحملة الصليبية التي يشنها بوش ضد (الفاشية الإسلامية) في سياق (صراع الحضارات) البابا ال 265 فى تاريخ البابوية وصف ما يراه اختلافاً شاسعاً بين المسيحية والإسلام.. ففي حين تقوم المسيحية على العقل فإن الإسلام ينكره وفي حين يرى المسيحيون منطق أعمال الله فإن المسلمين ينكرون وجود هذا المنطق في أعمال الله ..وبصفتي يهودياً ملحداً فإني لا أريد أن أدخل في هذه المساجلة إذ إن فهم منطق البابا يفوق قدراتي العقلية المتواضعة!! غير أني لا أستطيع أن أغفل فقرة وردت في كلمته وهي تخصني أنا أيضاً كإسرائيلي يعيش بالقرب من خط الاحتكاك هذا بين(حرب الحضارات).فهو يؤكد أن النبي محمد أمر أتباعه بنشر العقيدة الإسلامية بحد السيف وحسب ما جاء على لسان البابا فإن هذا شيء غير منطقي لأن الإيمان يولد من الروح لا من الجسد. فكيف يؤثر السيف على الروح؟ قال البابا على لسان أحدهم: فقط أرني أشياء جديدة جلبها محمد ولن تجد سوى أشياء شريرة وغير إنسانية مثل وصيته التي يأمر فيها بنشر الدين بحد السيف...ويستطرد الكاتب : كان البابا نفسه قد ألقى كلمة ليكون في حيطة من أمره. فكونه عالما دينيا جديا ومشهورا فإنه لا يستطيع أن ينقض النصوص المكتوبة ويكذبها. لذلك اعترف بأن القرآن قد حرم بوضوح نشر العقيدة باستخدام القوة فقد اقتبس من سورة البقرة الآية 256(من الغريب القول بأنه معصوم عن الخطأ بصفته البابا، وأخطأ وقال الآية 257)التي تقول: (لا إكراه في الدين).كيف يمكن للمرء أن يتجاهل مثل هذا التصريح الواضح والجلي؟ ويختم كلامه قائلا. لماذا قال هذه الكلمات على الملأ؟ ولماذا الآن؟ لا مفر من رؤيتها من زاوية الحملة الصليبية الجديدة التي يشنّها بوش وأتباعه الإنجيليون(القوة التصويتية الكبرى التى انتخبت ترامب)، بشعاراته :الفاشية الإسلامية والحرب العالمية على الإرهاب- عندما أصبح الإرهاب مرادفاً لكلمة المسلمين. (كما قال ماكرون من القاهرة الأسبوع الماضى جملته المقززة). الثقافة والتاريخ الفرنسى غارقين فى الدماء المذهبية لدرجة أن المؤرخ الفرنسي فرناند بروديل صاحب الإصدار الشهير(تاريخ وقواعد الحضارات) كان يخشى في نهاية حياته أن تعود الحرب المذهبية إلى فرنسا( الصراع الكاثوليكي – البروتستانتي)..فرنسا الاستعمارية كانت تختلف كثيرا عن بريطانيا الاستعمارية .. وتاريخ فرنسا فى الجزائر مشين للبشرية كلها وللقيم و المبادئ الفرنسية التى تتردد فى الخطاب السياسى والثقافي عندهم .. احد المحاربين القدماء الفرنسيين واسمه (هنري بويو )نشر على مدوّنته رسالة إلى الرئيس الفرنسى السابق هولاند قال فيها( ستتشرف فرنسا لو بادرت إعلان السلطات إلى ما ينتظره الجزائريون طويلاً وهو الاعتراف بجرائم الاستعمار وإدانة مسؤولية بشأن السياسة الاستعمارية).وحث بويو الذي كان شاهداً على عمليات تعذيب بشعة رئيس جمهوريته على(التحلي بالشجاعة)من أجل الاعتراف بجرائم فرنسا. وذكر بويو أن فرنسا انتهجت (قمعاً مركزاً ضد أية محاولة للثورة ونهبت ثروات الجزائريين وقال إن من ضحايا الجرائم المرتكبة أهالىٍ قتلوا خنقاً بدخان النيران بعد أن جُمعوا في مغارات سُدت عليهم حتى لا يخرج أحد منها حياً وإبادة قرى بقنابل النابالم الحارقة ناهيك عن الاغتصاب والتعذيب). الجيش الفرنسي وقتها اعتمد استراتيجية الحرب الشاملة والإبادة و الدمار في تعامله مع الشعب الجزائري لتمكين قادته العسكريين و البرجوازيين الفرنسيين من الاستيطان و السيطرة. و انتهج كل أنواع القهر والإبعاد و التهجير و السجن و التعذيب و التقتيل والنهب و هدم المؤسسات التعليمية و الاقتصادية والاعتقادات والمنشآت والآثار الدينية(ماذا يمكن تمية كل هذا؟) فرنسا ترفض الى الآن تقديم أي اعتذار عن ما فعلته من مخازى مروعة طوال 137 عاما احتلال للجزائر وسائر المغرب العربى ورغم ان إنجلترا مثلا قتلت عشرة ألاف سودانى خلال خمس ساعات فى معركة ام درمان الشهيرة 1898م ..ألا ان ما فعلته فرنسا فى الجزائر تحديدا لا يمكن أن ينساه بنى الإنسان فى كل العصور..وللأسف لازالت أياديها العابثة تذهب يمينا ويسارا..والعشرية السوداء في الجزائر و التى قتل فيها ما يزيد عن 250 الف جزائرى كانت تحت المظلة الفرنسية تماما ..وانقلاب الجيش عام 1991 على نتيجة الانتخابات البرلمانية كانت ترتيباته تجرى فى قصر الرئاسة الفرنسي(الإليزيه) . ماكرون الذى يدعى أنه تلميذ وصديق الفيلسوف (بول ريكور) صاحب المؤلف الشهير(رمزية الشر..الدنس والمعصية والذنب ) أساء إلى أستاذه كثيرا بتلك الجملة الحمقاء ..وما كان أغناه عنها ..ذلك أن العنف والقتل الذى يحدث في المنطقة باسم الدين والذى شهد تصاعدا هائلا بعد احتلال العراق 2003م ..هذا العنف مصنع تصنيعا صنيعا في المعامل المخابراتية. فالتراث الثقافى الغربى يعتز كثيرا بالعفريت الذى يتم تصنيعه وتذكروا (فرانكشتين) و ( فاوست).