يقولون ان للكذب سبعة أنواع تختلف في مظهرها وتتفق في أنها في النهاية كذب..وأن من يقولها كذاب : *الصمت وكتمان الحق وإخفاؤه..كذب *ترديد كلام غير مؤكد وإشاعته بين الناس..كذب *إظهار نصف الحقيقة فقط..كذب * التغطية والتمويه وإثارة الغبارعلى الحقيقة..كذب * التهويل والمبالغة في أي موضوع..كذب * تحريف المعنى عن المقصود الواضح للكلام..كذب * الإيهام والإيحاء والادعاء..كذب. هو بالفعل نافذة الشرعلى حياة البشر ..ألف خطيئة وخطيئة تقفز من هذه النافذة الملعونة..والتى هى العامل المشترك في كل الخطايا..كل خطيئة لها طبيعتها الخاصة بها..سرقة كانت أو غش أو قتل. أو انحراف سلوكى..لكن الجامع بينهم جميعا هو الكذب . الإسلام العظيم ..قرآنا وسنة قطع باستحالة اجتماع الإيمان والكذب في قلب واحد الأية الكريمة تنص (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)وقيل للرسول:أيكون المؤمن جبانا؟ قال: نعم فقيل له:أيكون بخيلا؟ فقال:نعم فقيل له: أيكون المؤمن كذابا؟ فقال: لا. ومشهور الحديث الشريف (... وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.) د/كلودين بيلان أستاذة علم النفس الفرنسية وصاحبة كتاب (نفسية الكذاب)تقول أن الكذب له تأثير سلبي للغاية علي الصحة العامة ذلك أن الشعور بالذنب من جراء الكذب أو الخوف من (الفضيحة) يؤدي إلي الإصابة بضغط عصبي مزمن وكا يترتب عليه من آثار سلبية علي الصحة العامة مثل اضطرابات النوم وسرعة الانفعال والقلق والصداع وارتفاع الضغط..وغيرها من الآثارالسيئة الناجمة عن هذا الشعور.هذا على المستوى الفردى والشخصى في العلاقات بين الناس. لكن على مستوى دوائر الرأي العام وتكوين الأفكار وتشكيل الأذهان ستجد نفسك أمام كارثة مكروثة كرثا كريثا..سيتحول البشر إلى حشد من الأرقام والإحصائيات والتعداد..أشباح بشرية بلا إسم ولا رسم..فالتطور التكنولوجي وما رافقه من تطور فائق السرعة في التواصل ونشر وتداول الأكاذيب من شأنه أن يؤثر في توجيه الفكر البشري من جانب ويعرض العمل العام للخطر بل للعدم ..والمقولة المشهورة لعالم الاجتماع الفرنسى بيير بورديو(اغتصاب الحشود)والتى يقصد بها التلاعب بالجماهير والحشود لتمرير رسائل معينة وأجندة معينة لصناعة الرأي العام المطلوب والتي تعبر بوضوح (خشن)عن استغلال براءة الجماهير لتحقيق شرعية مزيفة تقوم على التزييف والتضليل والكذب. الإعلام الكاذب عادة ما يخضع لمصالح واسعة من خلال برامج محددة تعمل على توجيه الرأي العام لصياغة صورة ذهنية محددة..النفوذ والتأثير الكبيرين لوسائل الإعلام أصبح أكبر مساحة يمارس فيها الكذب بشكل فادح..سنجد ذلك واضحا في برامج التسويق والانتخابات والدعاية والإعلان. وسائل الإعلام خضعت خلال القرن الماضى لتطور رهيب كما خضعت لظروف سياسية واجتماعية كثيرة . جون ستوسل الإعلامي الأمريكي ومعد البرنامج الشهير 20/20 على قناة ايه بى سى ذكر في كتابه (خرافات وأكاذيب وغباء محض) كيف تقدمت الحيل والألاعيب في توسيع دوائر الكذب..إلى حد أنه يذكر ان التطور التكنو لوحى في مجال الاتصالات والتواصل والدعاية والإعلان والبروباجندا ساهم بدرجة كبيرة في انتشار الكذب..سواء بتكراره والإلحاح في هذا التكرار..أو بالمساهمة في صنع خيال وصور ذهنية من اللاشىء. الكاتب الأردني نيبال خماش كتب عام 2004 كتابا هاما عن الكذب في السياسة عند الأمريكيين عنوانه(إمبراطوريه الأكاذيب)نشرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر/عمان..الكتاب له عنوان فرعى: مصطلحات الخداع الأمريكي بعد 11 سبتمبر..وهو كتاب مهم ويشكل مرجعية لمجمل الخطاب الإعلامي/السياسى الأمريكي بل ويكشف مجموعة من المواقف الأمريكية الأخيرة التي تظهر فساد هذا الخطاب وأكاذيبه.. يشرح الكاتب الفكرالاستراتيجي الأمريكي من خلال مصطلحات الخطاب الأمريكي في أعقاب حادثة برج التجارة العالمى ومما استخلصه الكاتب ان الولاياتالمتحدة بعد هجمات سبتمبر 2001 تحولت تدريجيا من دولة علمانية إلى دولة دينية كنسية بفعل دين جديد يمكن تسميته باسم(المسيحية الجديدة)ويقول ان العرب والمسلمين قاموا بترديد الشعارات والمصطلحات التى سادت في هذا الخطاب دون نقاش او تدقيق واحيانا من دون فهم هذه المصطلحات والظرف الذى أوجدها هذا الخطاب والتى كانت في اغلبها عسكرية تخدم أهدافا وخططا حربية وتشرح استراتيجيات قتالية !! ويعكس هذا الحضور الكبير للغة العسكرية حالة تحول خطيرة شهدها الخطاب الأمريكي عموما لصالح فكرة الإيمان المطلق بالقوة العسكرية والاستغلال التاريخي النادر لهذه المرحلة والتعامل معها كما لو انه تم العثور على كنز(وهو الذى يمارسه الأن ترامب بعلانية سافرة)والمؤشر الأهم في هذا الاستغلال هو التحول الكبير والمعلن في الاستراتيجية الأمريكية من سياسة الردع إلى سياسة الاستباق ومن سياسة الاحتواء إلى سياسة التغيير بالقوة وتحت شعار(حرب الأفكار)وطبعا الشعار ينطق بما يخفيه ..قامت الألة السياسية الأمريكية بصناعة وتعليب المصطلحات التى رصدها الكاتب وبحث في جذورها. تاريخيا وسياسيا وعسكريا وفكريا. ومن أبرز هذه المصطلحات :ألة الأكاذيب/ اختفاء أعداء الديمقراطية/ الأهداف الثمينة/ بغداد إكسبرس/ أوروبا القديمة /بناء تحالف للقيم المشتركة/ تحالف الراغبين/ حرب الأفكار/ تكتيك الخداع/ منبت الخطر/نظرية الدومينو الجديدة... المهم ان الببغاوات وفصيلة الشمبانزي الإعلامية في المنطقة استخدمتها بكثافة كثيفة. الكذب في السياسة الأمريكية له تاريخ عتيق ..وأغلب الرؤساء الأمريكيين كانوا كذابين: ترامب الذى أدلى ب1628 تصريحا كاذبا منذ دخوله البيت الأبيض كما ذكرت الواشنطن بوست وظهر ذلك واضحا فى تعليقاته المتنافضة على قتل جمال خاشقجى وأكاذيبه التى توالت..ترامب هذا لم يكن أول الكاذبين في البيت الناصع البياض.. أوباما حصل على لقب أكبر كذاب في عامي 2013 و2014 على التوالي وفق استفتاءات لأكثر من مجلة وصحيفة وموقع ..كلينتون كذب ستين كذبه في فضيحة مونيكا عام 1998 وقال انه أخطأ في حق كل من ضللهم بكذبه وأولهم زوجته..بوش الابن اعترف في مذكراته (قرارات مصيرية )بالخطأ الفادح الذي ارتكبته القوات الأمريكية بغزوها العراق وكشف كذب التقارير الاستخباراتية بشأن وجود أسلحة دمار شامل في العراق وهي التقارير التي اتخذها ذريعة لاحتلال العراق وتفتيته وتقسيمه وقتل وتشويه الألاف من العراقيين وبرر ذلك بأنه قام بهذه الحرب لحماية الأمن القومي الأمريكي ومحاربة الإرهاب .ريجان عام 1986 كذب أيضا وقال أننا لم نقايض الرهائن(أيام السفارة الأمريكية في طهران) بأسلحة أو أي شيء آخر مع إيران ليعترف بعد ذلك بشهور بأن إدارته قامت بالفعل بإبرام صفقة مع الثوار الإيرانيين وقتها..كينيدى في 1961 كذب حتى الثمالة في أزمة الصواريخ الكوبية ..وخليج الخنازير..وطبعا لاينسى أحد الكذبة الشهيرة التى أودت بنيكسون في ووترجيت التى كذب فيها على شعبه والتى رصدتها ايضا الواشنطن بوست. بنظرات حزينة وملامح الآسي يخرجون على الناس معترفين بكذبهم وإبداء أسفهم وهم لا يفعلون ذلك من باب الشرف والفضيلة بل ليمعنوا في التضليل والتمويه وأنهم بذلك سيبدون شجعاء وسيحترمهم شعبهم .. إنهم رؤساء أمريكا التي وصفها موقع( أمريكان ثينكر)بالكاذبين . ستبقى خطيئة الكذب أسفل الخطايا على المستوى الفردى ويكفى الكذاب انه لا مرؤة له كما قال العرب..جبان لا يملك شجاعة المواجهة ووصف أفعاله كما فعلها . لكن الأسفل والأسفل ..ان تكون في السياسة والرأى العام وعلى الشعوب والجماهير .