"بنكرهك يا جنى.. أنتي فاشلة وغشاشة.. شكلك وحش" عبارات مليئة بالعنصرية الشديدة كتبتها أيادي الصغار على جدران وأبواب حمامات المدرسة، توجهت بها الأطفال البريئة. الذين لم يدركوا كمية القهر التي تخترق قلب زميلتهم الطفلة جني فهمي، الطالبة في الصف السادس الابتدائي، بسبب سماعها وهو ما جعلها تكره الذهاب إلى المدرسة، وتبكى بحُرقة بمجرد ذكر دخولها، وهي تتذكر إهانات زملائها لها وسخريتهم منها داخل الفصل، وأثناء الفسحة، دون حدوث أي رد فعل من معلمتها. "إيمان" والدة الطفلة "جني" تروي قصة كره ابنتها للمدرسة بسبب تعرّضها للتنمّر من زملائها: "بنتي فى مدرسة إنترناشيونال، وأصحابها طول الوقت بيتريقوا عليها، أومال لو فى مدرسة حكومية، كان حصل فيها إيه؟!". وتستطرد "إيمان" أن طفلتها ذات عينين خضراوين، وشعر أشقر وملامح جميلة لا يعيبها شىء، حتى ينال منها زملاؤها بهذا الشكل: "لو عملت أي حاجة كويسة لازم يوصفوها بالضعيفة، ولو اشتركت فى رياضة، يقولوا لها مش هتقدرى تلعبى"، كل هذا العنف النفسي تتعرّض لها الطفلة "جنى" بسبب قصر قامتها عن باقى زملائها الذين صدّروا لها فكرة عدم قبولها، مما أدى إلى اهتزاز ثقتها بنفسها، خاصة بعد أن وصفوها ب"القزمة": "بيتنمروا عليها علشان بتقف فى الصف الأول فى طابور الصباح، كانت فى الأول مبسوطة أنها بتقف فى الأول، دلوقتى بقت بتكرهه، علشان بيقولوا لها انتِ قصيرة". بعد 3 أسابيع من العمل المتواصل فى مشروع طُلب منها داخل الفصل، صمّمته "جنى" بنفسها، وعلقته على جدران فصلها، قام زملاؤها بتمزيق المشروع، ووضعوا مكانه رسمه لفتاة شكلها مخيف وشعرها "منكوش" وأسنانها متساقطة: "فى اليوم ده بنتى رجعت منهارة، وبتقول لى يا مامى بيقولوا عليا الساحرة الشريرة، قطعوا مشروعى، ولزقوا مكانه صورة واحدة شكلها مخيف"بحسب ماذكرته إلام خلال حوارها مع صحيفة "الوطن " معاناة الابنة الصغيرة جعلت الأم تتضامن مع أول حملة قومية لحماية الأطفال من التنمّر داخل المدارس، التى انطلقت برعاية المجلس القومى للطفولة والأمومة، وبالشراكة مع وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع"اليونيسف"، كما استغاثت بالمسئولين لعمل حملات مكثفة لمعالجة تلك الظاهرة، التى تسبّبت فى عقدة نفسية لكثير من الأطفال فى مثل هذه السن: "مهما نشتكى، المدرسة مش بتحاسب، وحرام كل شوية يكسروا بخاطر بنتى".