مهما كان حجم الاخفاق ومرارته في المونديال، فالمفترض أن ننظر للمستقبل بكثير من التفاؤل، ونضع الخطط القابلة للتنفيذ، ليتحول التفاؤل إلى واقع. من الضروري اختفاء لغة الإحباط القائمة على أننا سننتظر 28 سنة أخرى لنظهر في المونديال، ونصمم على إلغاء هذا الفارق الزمني الشاسع، بمسابقات قوية داخل مصر، وتصدير اللاعبين إلى الدول الأوروبية وليس الخليجية أو العربية. محمد صلاح كان الأيقونة التي قادتنا لمونديال 2018 ومعه كوكبة من المحترفين في أوروبا مثل النيني وتريزيجيه ورمضان صبحي وحجازي ووردة وعمر جابر وسام مرسي، بعد أن كان الأمر صعبا للغاية في تصفيات كل مونديال، فقد كنا نخسر بغياب الفكر الكروي المتقدم، والسذاجة والقدرات البدنية الضعيفة. على الدولة أن تتدخل لمنع المغالاة في أسعار لاعبينا للاحتراف الأوروبي، وتسهيل سفرهم والحؤول دون وقوف أنديتهم المصرية في طريقهم وخصوصا الأهلى والزمالك. قدم لنا المونديال اكتشافا عظيما خصوصا لكثرة من المصريين كانت تؤمن بتفاهة كرة القدم وشغلها المجتمع عن انتصارات في مجالات ذات فائدة. اكتشفنا أنها القوة الناعمة الأولى في العالم حاليا التي يمكن أن تضعنا على خريطة الأمم الحديثة أكثر من السياسة وتوابعها. كم كتب عن مصر خلال مشاركتها في المونديال وعن لاعبيها وشعبها، وكم يمكننا أن نكسب في المجال السياحي في حال استغلالنا توابع ذلك جيدا. الجماهير العاشقة للكرة هي التي تسافر وتتفرج على معالم الدنيا، وهي القلوب النابضة للشعوب. لم تعد كرة القدم مجرد جلد منفوخ نسخر ممن تستولي على قلوبهم. إنها صناعة سياسية واقتصادية ومجتمعية تقدم الدول كأعضاء فاعلين ومؤثرين في المجتمع الدولي. الدول الكروية الكبرى أصبحت أكثر تأثيرا من الدول العظمى سياسيا وعسكريا. ميزة الدول الكروية الكبرى أنها تتداول النفوذ فيما بينها، تماما مثل دوران الكرة، فنرى تبادلا بين البرازيل والمانيا والارجنتين وفرنسا وانجلترا وبلجيكا وغيرها، وكل من يلعب جيدا وفق خطط متقنة سيتقدم الصفوف دون أن يمنعه فيتو أو عمل عسكري أو مؤامرات سياسية. هكذا رأينا كرواتيا القادمة من الصفوف الخلفية بفضل كوكبة من لاعبيها المنتشرين في أكبر الأندية الأوروبية. الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية في نيجيريا ليست على ما يرام، لكن انتصاراتها الكروية والجهد الذي يبذله لاعبوها في المونديال، والبريق الذي خطفه لاعب اسمه أحمد موسى كان شبه مغمور قبل المونديال، كل ذلك جعلها تتقدم الصفوف وينظر لها العالم كدولة أفريقية كبرى. نفس الشيء ينطبق على السنغال. ويمكن لإيران أن تغسل سمعتها السياسية السيئة بانتصارات منتخبها في كرة القدم بشرط أن تقوم بإصلاحات تتوازى مع غسيل السمعة وتحافظ عليه. حقيقة جاءت المنتخبات العربية في ذيل المونديال بنتائج ضعيفة للغاية وحصالة للأهداف، لكن لا يجب اليأس والاحباط ورمي كل شيء. فقد خرجنا إلى العالمية ولا ينبغي أن ننزوي مرة أخرى إلى الداخل، فمثل هذه التجارب هي التي ستقوي عودنا وتشد من أذرنا وتزرع فينا الشجاعة والكرة الهجومية كما زرعتها في نيجيرياوالسنغال. [email protected]