قضت المحكمة الإدارية العليا، السبت، بتأييد حكم سابق يقضي بإغلاق موقع الفيديوهات العالمي "يوتيوب" في مصر، لمدة شهر. وجاء في حيثيات الحكم، أن المحكمة "رأت أن الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور ومنها حرية الفكر والتعبير ليست مطلقة، وإنما مقيدة للحفاظ على الطابع الأصيل لقيم المجتمع وثوابته وتقاليده". وبحسب الحيثيات أيضًا: "منح القانون الحق لوزير الاتصالات، تنظيم وسائل إرسال أو استقبال المعلومات بمختلف طبيعتها بين المستخدمين في مصر والدول الأجنبية، وذلك بما لا يخل بالمصلحة العليا للدولة والأمن القومي للبلاد". وأشارت الحيثيات إلى أن "المظاهرات وأعمال العنف اكتسحت الكثير من أرجاء البلاد تنديدا بفيلم مثير (مسيء للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم) ما كان يتعين معه على الجهاز القومي للاتصالات حجب الفيلم المسيء من موقع يوتيوب وكافة المواقع الإلكترونية، وان لم يكن هذا في استطاعته فكان عليه أن يقوم بحجب موقع اليوتيوب كاملاً لحفظ الامن ومشاعر العالم الإسلامي كافة". وقال النائب أحمد بدوي شحاتة، عضو لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، إنه بمجرد وصول حكم الإدارية العليا للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فإنه "يصبح واجب التنفيذ، بما أن مصر دولة مؤسسات وقانون يطبق على الجميع". وأضاف شحات ل"المصريون": "الفترة القادمة ستشهد مزيدًا من التنظيم في طريقة عمل وسائل الاتصال الالكتروني في مصر، سواء مواقع التواصل الاجتماعي، أو كل ما يتعلق بالشبكة العنكبوتية، في ظل حالة الفوضى الكبيرة التي شهدتها مصر، والتي أدت إلى وجود أزمات حقيقية ولجان إلكترونية، تحاول إسقاط الدولة المصرية، وقادتها السياسيين ومؤسساتها، ومن ثم فكرة تنظيمها أمر لا رجعة فيه، وهو قرار كان من المفترض اتخاذه منذ فترة طويلة". من جهته، قال إسلام غانم، خبير امن المعلومات التقنية، إنه من المستبعد حجب مصر موقع "يوتيوب". وأضاف ل"المصريون": "الجهاز القومي للاتصالات معترض على الحكم القضائي، وسبق وقدم استشكالاً أمام القضاء الإداري ضد حكم سابق بحجب الموقع في مصر، ومن ثم وهو الجهة المسئولة عن الحجب فلن يقوم بهذا الأمر، نظرًا للعقود الهائلة التكلفة بين الطرفين، ومن ثم سيترتب عليه دفع شروط جزائية كبيرة من جانب الحكومة المصرية في حالة حجب "يوتيوب". وفى فبراير 2013، قضت محكمة القضاء الإداري بقبول طلب محامي مصري تقدم بدعوى قضائية في سبتمبر 2012، بغلق موقع "يوتيوب" لمدة شهر، وحجب وحظر جميع المواقع والروابط الإلكترونية على الإنترنت التي تعرض مقطع فيلم مسيء للرسول الكريم، محمد صلى الله علي وسلم. يذكر أن الفيلم الذي نشره "يوتيوب" بعنوان "براءة المسلمين" عام 2012، وفق تقارير إعلامية ودعوى المحامي، يسيء للإسلام والنبي محمد، وأثار استنكارًا واسعًا واحتجاجات في العالم الإسلامي عام 2012. ووقتها طعن على الحكم الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات (جهاز حكومي)، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير (غير حكومية مقرها بمصر)، وأرجع الأول سبب الطعن إلى صعوبة التنفيذ والثاني، إلى انتهاكه حقوق المستخدمين واعتباره "عقابًا جماعيًا". وفي مارس 2013، قبلت محكمة القضاء الإداري، قبول استشكال (طعن يستوجب نظره قضائيا سريعا) من الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، لوقف تنفيذ الحكم الصادر بإغلاق موقع "يوتيوب". والاستشكال الذي أيدته شركة "جوجل مصر" في بيان آنذاك، كان "يستند إلى أن يوتيوب يبث من خارج البلاد، ولا ولاية للحكومة عليه، وسيترتب عليه خسائر"، مشيرًا إلى إمكانية حجب رابط الفيلم المسيء داخل مصر.