هل يوجد مبرر للاستمارات التي وقعها إعلاميون ومثقفون ومواطنون ورياضيون والتي لا تختلف عن استمارات "تمرد" التي أوصلت النظام الحالي إلى السلطة؟! هذه الاستمارات مسيئة جدا للنظام ولن يفهمها العالم بأنها دليل على شعبيته. هناك وسائل لقياس اتجاهات الرأي العام تعتمد على أساليب علمية دقيقة تؤدي الهدف، وليس هذه الزيطة والزمبليطة والتطبيل واظهار الابتهاج أمام الكاميرات عقب التوقيع. إنها تدعو إلى ترشح الرئيس السيسي لفترة ثانية، وهو ليس في حاجة إلى دعوة. يمكنه دستوريا أن يترشح، وعلى الأرجح قد لا يترشح منافس قوي له في ظل عدم وجود الضمانات التي طلبها النائب السابق محمد أنور السادات في رسالة إلى رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات. يمكن الموافقة على الضمانات في وقت متأخر – كما قال الدكتور سعد الدين إبراهيم في تصريحات تليفزيونية – بحيث لا تتاح الفرصة للمنافسين للقيام بحملات انتخابية مؤثرة. وعلى أي حال فإن السيسي هو الرئيس القادم بنسبة كبيرة جدا، فلماذا التعب والمجهود في طبع استمارات وتوزيعها والحصول على التوقيعات عليها، ثم جعلنا أضحوكة العالمين، فهذا السلوك ليس له مثيل في كل ديمقراطيات أو حتى ديكتاتوريات الدنيا. ليست المشكلة في أنه سيتم الدفع بالرئيس السيسي لانتخابات 2018. الخوف كل الخوف أن تتكرر الاستمارات قبل انتخابات 2022 ما دمنا أصبحنا "بلد استمارات" بدلا من "بلد شهادات" التي أطلقها عادل إمام في إحدى مسرحياته. ولأن الدستور ينص على مدتين فقط فإن الاستمارات وقتها قد تطالب بتعديل دستوري يتيح فترة ثالثة أو الرئاسة مدى الحياة. نحن شعب بمواطنيه ونخبه لدينا حاسة شم قوية تجرنا نحو الأزمات. نتفنن في صناعة الزعيم والحاكم الأوحد الذي يتملكنا إلى أن يريد الله أمرا كان مفعولا. ألف باء الديمقراطية أن يترشح وهو مقبل على الأمر وليس بالضغط عليه كما توحي الاستمارات التي يجري توقيعها، وأن يتاح الترشح لمن يريد منافسته في أجواء حيادية كاملة بلا انحياز أو ضغوط، وأن تجري الانتخابات تحت رقابة عالمية ترصد كل شيء. نشعر بالحنين إلى تكرار التجربة الانتخابية الرئاسية الحقيقية الوحيدة في تاريخنا الذي يزيد عن 7 آلاف سنة وهي انتخابات 2012 التي انتهت بمنافسة شرسة بين الرئيس السابق محمد مرسي والفريق أحمد شفيق، وكانت الفروق بينهما بسيطة جدا، وانتظرنا النتيجة كما كنا نفعل زمان ونحن نستمع لنتيجة الثانوية العامة في إذاعة الشعب. ليترشح السيسي لفترة ثانية وهذا حقه.. لكن دعوا المنافسين يترشحون وأتركوا النتيجة للشمس بدون تدخل أو ضغوط من أي نوع. [email protected]