حقيقة ثابتة لا نقاش فيها هي أن الإنسان بطبيعته مجبولٌ على الخوف كما ذكر القرآن الكريم " إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا " فالأولى بهذا الخوف أن يكون باتجاه خالقه سبحانه وليس الخوف من الخلق، فالخالق أولى وأجدرُ، قال تعالى (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). الخوف من الله واجب شرعي على المسلم وهو مقترِن بالمحبة والتعظيم والتذلل والخضوع لله، وهو الذي يحمل العبدَ على الطاعة والبعد عن المعصية. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الخوف المحمود هو ما حجزك عن محارم الله"؛ أما إذا زاد الخوف بحيث يؤدي إلى القنوط واليأس، فهو خوف مذموم؛ لذلك لا بد أن تتوازن عبادةُ الخوف مع عبادة الرجاء. والعلم والمعرفة تورثان الخشية من الله ولذلك كان العلماء من أشد الناس خوفا من الله ?إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ? وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنا أعلمكم بالله وأشدكم له خشية))، الخوف صفة بارزة من صفات عباد الله الصالحين، لا غنى لهم عنها في مسيرهم إلى الله – تعالى - فتراهم يؤدون حقوق الله، وهم خائفون من عدم قبولها، قال الحافظ بن حجر - رحمه الله -: "إن الخوف من المقامات العلية وهو من لوازم الإيمان؛ قال تعالى في سورة آل عمران : ?إِنَّمَا ذَ?لِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ? فالله سبحانه نهى الخوف من البشر فهو خوف مذموم فالاصل في المؤمن أن يخاف من الله وحده لذلك كان نشر الخوف بين الشعوب هو سلاح المستعمرين على مر التاريخ لاستعباد الشعوب ونهب خيراتهم وثرواتهم بسلاح الخوف كي يظلوا أبد الدهر يرتعدون من جبروت الظالمين يخافون الكلام يخافون الهمس خشية أن يكون للجدران اذان تسمعهم وتنقل كلامهم وذلك بسبب خوفهم ..وتعجب من أناس يخافون من التعبير عن آرائهم وأفكارهم خشية البطش والمطاردة بل ربما يخشون البوح بآلامهم وجراحهم فضلا أنهم يخافون عن المطالبة بحقوقهم بعد أن تملكهم الخوف وسيطر على حياتهم.. وبسلاح الخوف أزيلت عروش وممالك وسيطر المستعمرون على العالم الإسلامي قرونا ...علماء الإجتماع الغربين أعتبرو إن ثقافة الخوف فى المجتمع هى أكبر خطر عدو تواجهه الشعوب..فهو يمنعها من التقدم والرقى والحضارة بل ربما يقتلها ذاتيا وتكون في عداد الأموات.. ولذلك من الواجب على الأسر والمجتمع ومؤسساتنا التربوية أن تزرع في قلوب أطفالنا الخوف من الله وحده وتنزع من صدروعهم الخوف من البشر وضرورة أن يكونوا إيجابيين في المجتمع بتفاعلهم وقولهم الحق الخوف من الله هو الذي يمنع كثير من المفاسد في المجتمع وفقدانه يؤدي إلى انفصام في شخصية الانسان وهو مرض قاتل ينتشر بين الكثير اليوم فالإنسان مؤمن تقي أمام الناس ومرتشي وفاسد حينما تغلق عليه الأبواب .. أيضا علينا أن نوقن أن انتشار الخوف في المجتمع لايولد عالما ولا مبدعا وبشرا سويا بل ينتج عنه خراب ودمار المجتمع ..نهضة بلادنا تكون بالعودة إلى الله والخوف من الجليل سبحانه وحده دون البشر وفتح نوافذ الحرية يستنشق عبيرها الجميع .. وصدق الله العظيم القائل في سورة المائدة : ? فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ?