على طريقة «إذا حضر الماء بطل التيمم» يتعامل المجتمع مع المرأة، فمادام الرجل موجوداً فلماذا يلجأ إليها؟ وهذا ينطبق عملياً على النساء فى معظم مواقع العمل، فالمحامية هى تلك المتلعثمة التى تبكى أمام القاضى أما الطبيبة فمشكوك فى كفاءتها إلى أن يثبت العكس.. ونفس الحال ينطبق فى السياسة والهندسة والقضاء.. فلم تجد الحكومة حلا لتزيد عدد النائبات فى مجلس الشعب إلا ب «الكوتة».. والمثير للدهشة أن هذه الحالة أصبحت عدوى انتقلت حتى للنساء.. فتقول نهلة صابر (35 سنة): «فى حالة وقوع مشكلة سأختار محامياً لأنه الأكثر تفرغا لعمله، والأقدر على المرافعة.. أما الطبيبات فأنا لا أثق فيهن أبدا، فالأطباء أمهر وأكثر معرفة وذلك لأنى أشعر بأن النساء أقل إنتاجية من الرجل حتى فى الوظائف الحكومية وكثير منهن يعطلن المصالح».. أما الجانب الآخر فيرى أنه ظلم واقع عليه، وحكمُُ لا يستند إلا لفكر مشوه فى المجتمع.. وعنه تقول د. منى مينا، طبيبة أطفال عضو لجنة الدفاع عن الحق فى الصحة: «يوجد دائما شك فى قدرات المرأة حتى من قبل النساء أنفسهن وهذا ما عانيت منه عندما اتجهت للعمل العام، حيث ينظر البعض للمرأة على أنها ليست أهلا للثقة وعليها أن تثبت ذاتها أولا لتحظى بالاحترام والتقدير، على العكس من الرجل الذى يلقى الترحاب منذ اللحظات الأولى له، وللعلم فإن معظم السيدات العاملات لديهن هذا التوقع لنظرة المجتمع لهن وعدم ثقته فيهن، وهو ما لم أحاول أبدا الالتفات إليه»، ثم استطردت قائلة: كثيرا ما أسمع فى أروقة المستشفى بين المرضى - ومنهم سيدات - (روحى لدكتور راجل أحسن) و(الدكاترة الرجالة بيفهموا أكتر).. أما مشكلة المحاميات تقول عنها منى البحيرى، المحامية بالاستئناف العالى ومجلس الدولة: «سبب التشكك فى المحاميات نظرة الناس لها كأنثى فقط لديها أعباء منزلية لن تمكنها من التفرغ للقضايا.. إضافة لتعرضها للتحرش والمضايقات من قبل موظفى المحاكم أو الموكلين وهو ما حدث بالفعل مع زميلات لى.. أما الآن فعدم الثقة فى المحاميات النساء يرجع للأسف فى جزء كبير منه إليهن، فأغلب المحاميات الصغيرات الآن يخرجن للزواج وليس للعمل ولهن أسلوب غير لائق سواء بالمبالغة فى المظهر أو طريقة التعامل.. ومن هنا تعم الصورة السلبية كل المحاميات رغم أن بعضهن أثبتن جدارتهن».