مصادر قضائية: النيابة لم توجه اتهامًا لأي شخص بخصوص «وفاة الأشقاء ال6 ووالدهم»

قالت مصادر قضائية، ل«المصرى اليوم»، إن النيابة العامة لم توجه أى اتهام لأى شخص حتى الآن، فى واقعة «وفاة ال6 أطفال أشقاء ووالدهم» بقرية دلجا بالمنيا، مؤكدة أن القضية قيد التحقيق.
وأشارت إلى أن التحقيقات لاتزال جارية، وأن جميع الفرضيات مطروحة، بما فى ذلك وجود شبهة جنائية محتملة، إذا ما ثبت تورط أى طرف فى وضع المادة السامة عمدًا، وهو احتمال «لن يكون مستغربًا»، وفى انتظار نتائج التحريات النهائية، لم يُصدر قرار نهائى بشأن احتجاز أى من أفراد الأسرة أو المحيطين بها، كما لم توجه النيابة اتهامات مباشرة لأى شخص حتى الآن.
المادة السامة التى أودت بحياة الأطفال ووالدهم، وفق تقارير الطب الشرعى الرسمية التى اطلعت عليها النيابة، هى إحدى المواد الفعّالة فى المبيدات الحشرية، وقد ظهرت بشكل واضح فى العينات التى سُحبت من جثامين الضحايا بعد تشريحها.
وتُشير نتائج التحاليل إلى أن سبب الوفاة هو التسمم، وليس وجود عدوى أو مرض غامض، كما تردد فى البداية بين سكان قرية دلجا، الذين ظلوا لأيام تحت تأثير الذعر والقلق، فى ظل غياب معلومة رسمية دقيقة، وتضارب الروايات.
وعلمت «المصرى اليوم» أن تحقيقات النيابة استبعدت تمامًا رواية تناول الأم الطعام مع أطفالها فى الوجبة الأخيرة، وهو ما ثبت من خلال استجوابها، واستماع أقوال أفراد الأسرة المقربين، الذين أكدوا أن الأم لم تكن تجلس معهم لتناول الطعام.
كما أوضح أقارب الضحايا، ومنهم أشقاء الزوج الراحل «نصر»، خلال تحقيقات النيابة، أن الأم المعروفة باسم «أم هاشم»، كانت قد انفصلت عن زوجها منذ عامين بسبب تدهور حالتها النفسية، لكنها عادت إلى عصمته مجددًا فى عيد الفطر الماضى، بعد فترة من الإقامة لدى أسرتها فى محافظة بنى سويف.
وفى غياب الأم خلال فترة الطلاق، قام نصر بالزواج من سيدة أخرى، تعيش معه فى نفس المنزل، وأنجب منها طفلة تبلغ من العمر سنة ونصف السنة، بينما كانت الزوجة الثانية ترعى الأبناء بالتوازى مع الجدة لأبيهم، وسط ظروف معيشية صعبة، داخل منزل مشترك مكوّن من عدة غرف قديمة.
وأوضحت المصادر القضائية أن «نصر» كان يعمل فى تجارة الخضروات، ويعول أسرتين، ويقوم بإعالة والديه وإخوته الثلاثة، وكان معروفًا فى القرية بحسن السيرة، ولا توجد له خصومات أو عداوات تُذكر.
وأوضحت النيابة أنها أجرت معاينة شاملة لمكان إقامة الأسرة، بما فى ذلك المطبخ، وغرف النوم، وخزانات المياه، وجمع فريق البحث الجنائى كل العينات المحتملة لفحصها فنيًا، كما تم الاستماع إلى أقوال عدد من شهود العيان والجيران.
ولا تحتوى المنطقة السكنية التى تقع بها الأسرة على أى كاميرات مراقبة، لا فى محيط المنزل، ولا فى الطرقات المؤدية إليه، نظرًا لبساطة معيشة الأهالى هناك، وغياب أى شكل من أشكال التكنولوجيا الحديثة، ما يعقّد عملية جمع الأدلة المصورة.
كانت النيابة أكدت فى بيان أن التحقيق بدأ فور تلقى بلاغ بوفاة الأطفال تباعًا، بعد دخولهم المستشفى مصابين بأعراض متشابهة تضمنت قيئًا وارتفاعًا حادًا فى درجات الحرارة، وتشنجات عضلية، واضطرابًا شديدًا فى الوعى، ولم تمضِ أيام حتى توفى الأب بنفس الأعراض.
وأشارت إلى أنها طلبت من مصلحة الطب الشرعى تشريح الجثامين، وسحب عينات لفحصها فى المعامل المركزية والفنية المتخصصة، وأن نتائج هذه التحاليل أكدت وجود مادة سامة مرتبطة بمركب مبيد حشرى، يُستخدم عادة فى مكافحة القوارض أو الحشرات، وأمرت النيابة إدارة البحث الجنائى بإجراء تحريات موسعة وسريعة حول الواقعة، لكشف مصدر المبيد السام، والطريقة التى تسلل بها إلى طعام أو شراب الأسرة، أو ما إذا تم تعمد استخدامه من قبل أى طرف، عن قصد أو عن طريق الإهمال الجسيم.
القضية التى بدأت كحادثة وفاة جماعية غامضة، بدأت الآن تأخذ أبعادًا جديدة، مع ثبوت وجود عنصر سام تسبب فى الوفاة، ووجود طرف يعانى من اضطراب نفسى داخل الأسرة، ما يفتح الباب أمام سيناريوهات معقدة، تجرى النيابة مراجعتها بتأنٍّ.