ظاهرة «قنديل فضائي» في السماء.. وتفسير علمي يحسم الجدل

رُصد مشهد غريب وخلّاب في سماء كاليفورنيا، مساء الإثنين، أثار دهشة السكان المحليين ووصفه البعض بأنه «قنديل فضائي» يخترق السماء. ومع تزايد التكهنات حول احتمال وجود جسم طائر مجهول، جاءت الحقيقة العلمية لتزيل الغموض: ما شوهد لم يكن سوى آثار إطلاق صاروخ «فالكون 9» التابع لشركة «سبيس إكس» في مهمة اعتيادية لنشر أقمار الإنترنت الصناعية «ستارلينك».
إطلاق صاروخي يتحول إلى عرض ضوئي مبهر
انطلق الصاروخ في تمام الساعة 11:36 مساءً بتوقيت الساحل الشرقي، من قاعدة فاندنبرغ الفضائية في كاليفورنيا. وبعد دقائق قليلة من التحليق، بدأ العادم الناتج عن الصاروخ بالتفاعل مع طبقات الغلاف الجوي العليا. وكانت المفاجأة أن هذا التفاعل أنتج سحابة مضيئة غريبة الشكل، بدت وكأنها قنديل بحر شفاف يتوهج في السماء.
المشهد كان مرئياً بوضوح من مناطق شاسعة، من صحراء موهافي وحتى جنوب لوس أنجلوس، بل امتد حتى مدينة ريفرسايد على بُعد أكثر من 200 ميل من موقع الإطلاق، وسط موجة من الصور والفيديوهات التي غمرت مواقع التواصل الاجتماعي خلال ساعات قليلة.
«تأثير قنديل البحر».. تفسير علمي للظاهرة
ما رآه الملايين يُعرف علمياً باسم «تأثير قنديل البحر» أو «هالة البخار». وتحدث هذه الظاهرة عند تفاعل بخار الماء مع ضوء الشمس في الطبقات الباردة من الغلاف الجوي، في توقيتات محددة بعد غروب الشمس مباشرة. حينها، يُمكن لأشعة الشمس أن تضيء آثار العادم من ارتفاعات عليا، لتنتج هذا الشكل البصري المدهش.
ليست المرة الأولى
هذه ليست المرة الأولى التي تُرصد فيها هذه الظاهرة مع صواريخ «سبيس إكس». ففي أكتوبر 2022، شوهد تأثير مشابه خلال عملية إطلاق لأقمار صناعية من نفس النوع. ويميل كثير من الناس في مثل هذه اللحظات إلى ربط المشهد بأجسام طائرة غامضة أو ظواهر خارقة، لكن التفسير العلمي بات معروفًا ومتكررًا مع كل إطلاق يحدث في ظروف ضوئية مشابهة.
إنجاز تقني في الخلفية
الرحلة الأخيرة ل«فالكون 9» لم تكن استعراضية فقط. الصاروخ نفذ مهمة «ستارلينك 15» بنجاح، وأضاف دفعة جديدة من الأقمار الصناعية إلى شبكة الإنترنت العالمية التي تطورها الشركة. وبعد ثماني دقائق من الإقلاع، عاد المحرك الرئيسي وهبط بسلام على منصة عائمة في المحيط الهادئ، في إنجاز يُضاف إلى سجل الشركة الذي تجاوز 460 عملية هبوط ناجحة.
عندما تلتقي الفيزياء بسحر الطبيعة
ظاهرة «القنديل الفضائي» تقدم مثالاً مذهلاً على كيف يمكن للتقدم التكنولوجي أن يصنع لحظات جمالية مدهشة، تذوب فيها الحدود بين العلم والطبيعة. وبينما تستمر شركة «سبيس إكس» في توسيع مشاريعها الفضائية، فإن سكان الأرض سيظلون شهودًا على عروض سماوية تجمع بين الابتكار والدهشة.
في النهاية، ما يبدو أحيانًا كلغز فضائي، قد يكون ببساطة صاروخًا بشريّ الصنع، يسافر في الفضاء ويمنحنا في المقابل عرضًا ضوئيًّا لا يُنسى.