جدل حول «انخفاض التضخم».. «كجوك» يشيد.. وخبراء: تراجع الاستهلاك السبب

أثار تراجع التضخم السنوى إلى 12.5٪ فى فبراير الماضى، بعد أن كان 23.2٪ فى يناير، جدلًا بين مسؤولين حكوميين وخبراء. ففى الوقت الذى أعرب أحمد كجوك، وزير المالية، عن ارتياحه للانخفاض الأخير فى معدلات التضخم، انتقد العديد من خبراء الاقتصاد تراجعه بشكل حاد.
وقال وزير المالية فى تصريحات سابقة، إنه سعيد جدًا بهذا التراجع الذى يغلق فترة صعبة مضت، ويفتح آفاقًا جديدة. فى المقابل، أوضح الدكتور مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تراجع معدلات التضخم بشكل حاد فى فبراير الفائت إلى 12.5٪ لا يكفى لتفسيره بالقول إنه «أثر سنة الأساس - فبراير 2024»، الذى كان التضخم مرتفعًا فيه بشدة، إذ يجب أن يكون لدى الدولة دراسات تحليلية أوسع لفهم طبيعة التضخم، حتى يتبين مدى تأثره بصدمات الطلب أو العرض، أو التوقعات، أو حتى التضخم الحلزونى.
وأضاف «نافع» ل«المصرى اليوم» أن تحركات التضخم ينبغى أن تكون مفهومة بشكل أعمق، حتى لا تفاجأ الأسواق بارتفاعات أو انخفاضات حادة، مثلما حدث مؤخرًا، حيث كان الصعود الحاد صادمًا، وكذلك جاء الهبوط المفاجئ. ونوّه بأن استعراض ومراجعة معدلات التضخم خلال السنوات الخمس الماضية يظهر أن مثل هذا الانخفاض الكبير لم يحدث فى أى فترة، رغم التقلبات القوية التى أعقبت تخفيض قيمة العملة ورفع الفائدة.
واستكمل «نافع»: «هناك أسباب أخرى لهذا التراجع، منها ضعف القوة الشرائية للمواطنين، نتيجة استمرار معدلات (التضخم اللزج) المرتفعة منذ ديسمبر 2022، والتى تخطت 20٪ لفترات طويلة، مما أدى إلى تراجع الاستهلاك وأثر سلبًا على النمو الاقتصادى، مسببًا حالة من التباطؤ انعكست على التضخم بالانخفاض». غير أن العوامل الاقتصادية العالمية لعبت دورًا فى هذا التراجع، إذ إن حالة التباطؤ الاقتصادى الدولى أثرت على أسعار بعض السلع عالميًا، وهو ما انعكس بدوره على معدلات التضخم، مشيرًا إلى أن تأثير هذه التغيرات على حياة المواطنين لن يتضح بدقة إلا عندما يدخل الاقتصاد فى مرحلة تعافٍ حقيقى، وهو ما يستلزم توافر مؤشرات عديدة، مثل عودة معدلات التشغيل إلى مستويات مرضية، وتحسّن الأجور الحقيقية لتكون متناسبة مع تكاليف المعيشة.
وشدد «نافع» على ضرورة صدور بحث الدخل والإنفاق الجديد لتقييم الأثر الفعلى لهذه التغيرات الاقتصادية على المواطنين، إذ إن آخر بحث منشور يعود إلى عام 2019-2020، رغم إجراء بحث آخر فى 2022، لكنه لم يُنشر حتى الآن. وأوضح أن هذا البحث، الذى يُفترض إجراؤه كل عامين، ضرورى لرصد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم رؤية واضحة حول مستويات المعيشة ومدى تأثر المواطنين بالتغيرات الاقتصادية.
إلى ذلك، رصد التقرير الأخير لجهاز التعبئة العامة والإحصاء انخفاض أسعار الخضروات والبن والشاى والكاكاو، وثبات أسعار الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء، مما ساهم فى هذا التراجع، لكن أسعار الحبوب والخبز واللحوم والدواجن والأسماك ارتفعت، مما يشير إلى أن الانخفاض ليس شاملًا، ويدل على خلل فى الأوزان - حسب خبراء.
وأوضح هانى أبو الفتوح، الخبير الاقتصادى، أن «سنة الأساس» هى السنة التى نقارن بها الأسعار الحالية لحساب التضخم، منوهًا بالتحديات المستقبلية، وأبرزها استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية، مثل الحبوب واللحوم ومنتجات الألبان، وارتفاع أسعار الخدمات، مثل التعليم (12.5٪ للتعليم الأساسي) والصحة (27٪)، مما يعكس تأثيرات تغير سعر الصرف أو تكاليف الاستيراد.