عيد الأم ورمضان في موسم واحد.. مصريون يبحثون عن سعادة أفسدتها الأسعار (تقرير)

صوتان متداخلان؛ تعلو موسيقى أغنيتي «محمد عبدالمطلب» و«فايزة أحمد» من المكان نفسه، يفصل بينهما حائط معلق عليه اسم «البارتيشن»، تحاول «فايزة» الانتصار بصوتها الفريد؛ مرددة: «ست الحبايب يا حبيبة» في قسم الأجهزة الكهربائية، فيما يعلو الصوت الآخر القوي مؤكدا: «رمضان جانا» بجوار «ياميش رمضان» في قسم المنتجات الغذائية.
تنافس الصوتان القادمان من زمن يبدو بعيدًا، شهد على حال الأسواق المصرية اليوم، بسبب تزامن مناسبتي عيد الأم ورمضان في الوقت ذاته.
«المصري اليوم»، تجولت في الأسواق، ورصدت في السطور التالية أحوال المحال التجارية.
البحث عن السعادة
«كأننا ما صدقنا حاجة تفرحنا.. بندندن الأغاني بسعادة غريبة، مظاهر البهجة مضاعفة وإحنا محتاجين للأجواء دي»، لم تكن «جيهان»، 55 عامًا، تحتاج للكثير من الكلمات حتى تُعبر عن سعادتها، نبرة صوتها كانت كفيلة بإيصالها الفرحة لكل من استمع إليها، من خلال حديثها مع «المصري اليوم»، أكدت أنها لا تخرج من منزلها إلا لشراء متطلباتها.
يساعد «جيهان» على عزلتها كونها «ربة منزل»، لكنها أكدت أن أغلب الأشخاص «نفسيتهم مُدمرة»، إذ أن الظروف الصعبة وضعت الجميع تحت الضغط، ولكن ما شاهدته اليوم من مظاهر الاحتفال غلبت جميع الأمور السلبية، أما عن عيد الأم فقالت: «أولادي مبيعرفوش يختاروا ليّ هدية حلوة.. فنزلت اشتريها معاهم، ودا كان أحسن من الهدية نفسها».
الأسعار تفسد البهجة
«يارا» لم تشارك «جيهان» الشعور ذاته، إذ غلب عليها الانزعاج من ارتفاع الأسعار، تقول: «الأسعار ارتفعت عن العام الماضي بشكل ملحوظ، وهناك نوع من أنواع الاستغلال البيّن بسبب المناسبتين، لكن الأساسيات لا غنى عنها، ولهذا إحنا مضطرين نشتري».
ترى «يارا» أن الأغاني التي يعتمد عليها الباعة في الأسواق بغرض إلهاء الجميع عن الأسعار تحت عباءة «التضليل».
لكنها عادت معللة سبب شراءها: «ياميش رمضان شيء مقدس، وفي نفس الوقت مقدرش مجبش هدية عيد الأم لأمي وحماتي.. حاولت على قد ما أقدر أجيب الحاجات المهمة».
ورغم مشاعر الازعاج لم تستطع «يارا» أن تنكر سعادتها بالأجواء المحيطة، فهي ترى أن رمضان يأتي كل عام في الموعد الذي يحتاج إليه الجميع ليطهرهم من أعباء الحياة.
«الدبدوب» يجاور الفانوس
بطريقة كوميدية قال «يحيى» إن الحالة العامة للأسواق تشهد حدثا فريدا من نوعه، فالدبدوب يجلس بجوار الفانوس في انتظار المشترى، ولكننا لا نملك «الفلوس» الكافية لشراء ايًا منهما، يضيف: «الجو حلو جدًا في كل حاجة باستثناء حاجة واحدة وهي حالتنا المادية المثيرة للضحك».
يقول «يحيى» ل«المصري اليوم»، إنه كان يدخر مبلغا ماليا بسيطا من راتبه شهريا حتى يستطيع شراء «غسالة مواعين» ترحم والدته من الوقوف ساعات طويلة أمام «الحوض».
وقرر أن ينتظر تخفيضات عيد الأم التي تحدث في كل عام لشراءها بسعر أقل، ولكنه تفاجئ بالأسعار الخرافية هذا العام، يقول بأسى: «أنا فلوسي دلوقتي يدوب تجيبلها مكسرات لرمضان مش أكتر».
«الأوفر نايت» شعار المرحلة
يقول محمود -اسم مستعار- أحد المسؤولين في السوق، إنهم يواجهون في الفترة الحالية ضغطا كبيرا في العمل، إذ أن وجود مناسبتين لا تقل أحداهما عن الأخرى في الأهمية جعلهم يشعرون بأن العمل لا ينتهي، ولم تعد ساعات العمل الرسمية تكفي لتلبية احتياجات المواطنين، بل أصبح «الأوفر نايت» شعار المرحلة الطاغي عليهم.
«مفيش موظف عندي منزلش شيفت كمان مع شيفته الأساسي، كلنا مضغوطين بس محدش مضايق، الكل بيتعامل مع الموقف على أنه رزق وخير»، يقول «محمود»، أما عن ارتفاع أسعار المنتجات، فيضيف أنه أمرا طبيعيا خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار، وقلة المواد الغذائية بسبب تخزينها من التجار في الفترة الماضية.
واختتم «محمود» حديثه مع «المصري اليوم» بأنه ورغم ارتفاع الأسعار إلا أن معدلات الشراء لم تختلف كثيرًا عن العام الماضي.