مثوى بيليه الأخير مطلُا على ملاعب سانتوس كما أوصى.. وداع أسطوري لصاحب اللمسات الساحرة

اختتمت، ضاحية سانتوس البرازيلية، اليوم الثلاثاء، مراسم تشييع أسطورة كرة القدم «بيليه» إلى مثواه الأخير، في وداع مهيب استدعى لمساته الكروية التي ألهمت أجيالًا من نجوم اللعبة، وفتنت الملايين من محبي الساحرة المستديرة حول العالم، وحولت ضاحيته الصغيرة إلى عاصمة عالمية لكرة القدم.
المحطة الأخيرة من حياة بيليه أبت ألا تكون فريدة كما مسيرته الزاخرة بالتمريرات السريعة والمراوغات المبتكرة والتسديدات الثاقبة؛ إذ حظى النجم بمراسم تشييع أسطورية حضرها مئات الآلاف من محبيه الذين تجمهروا صباح أمس الثلاثاء، في ضاحية سانتوس البرازيلية، لإلقاء النظرة الأخيرة على الراحل إدسون أرانتيس دو ناسيمنتو «بيليه» في جنازة مهيبة تخللتها العديد من المشاهد المؤثرة، وكانت روح والده بطلًا فيها.
كما أن نادي سانتوس قرر أن يكون وفيًا لوصية بيليه الأخيرة؛ بأن لا يُسجًى جسده الثرى إنما يُدفن عاليًا بالدور التاسع بمبنى مقبرة «نيكروبول» التذكارية المطلة على ملاعب نادي سانتوس ليظل قريبًا من الملعب الذي رفعه عاليًا ليحلق نجمًا في سماء اللعبة الأكثر جماهيرية في العالم.
وأفادت مصادر إعلامية برازيلية، الثلاثاء، أن اختيار بيليه للمبنى المتاخم لملاعب نادي سانتوس لم يكن جزافيًا إنما خطط لذلك قبل رحيله، بل أنه أوصى أن يستقر ضريحه في الدور التاسع تكريمًا لروح والده «دوندينو» صاحب القميص رقم 9 الذي لم يحظى بالشهرة التي حظى بها بيليه.
يرقد بيليه في تابوتًا، إلى جوار لقطات جمعها نادي للمساته الكروية الساحرة؛ كما يتوقع محبيه أن يتحول مثواه الأخير إلى مزار أو متحف كروي يتيح عرضًا بانورامي لمسيرته.
وتتكون المقبرة العمودية من 32 طابقا وتطل على ملعب فيلا بيلميرو، موطن نادي سانتوس السابق، وتعتبر المقبرة العمودية أيضًا معلمًا سياحيًا شهيرًا، ومصنفة في كتاب «غينيس» للأرقام القياسية كأطول مقبرة رأسية في العالم.
سيقام، قداس كاثوليكي في ملعب «فيلا بلميرو» قبل حمل النعش في شوارع سانتوس إلى مثواه الأخير، في مراسم من المتوقع أن يحضرها الرئيس البرازيلي الجديد لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي أدى اليمين الأحد الماضي، إلى «فيلا بيلميرو» قبل وقت قصير من إخراج النعش من الملعب.
رحل «بيليه» أو الجوهر السوداء، كما لقبه محبيه، الخميس الماضي عن عمر ناهز ال 82 عامًا، تاركًا مسيرة زاخرة بل ساحرة على المستويين الإنساني والكروي؛ إذ خرج«الجوهرة السوداء» للعالم من بيئة متواضعة فقيرة بعد رحلة قاسية شابها العديد من المصاعب.
كانت اللحظة الفارقة في حياة بيليه بخسارة البرازيل في كأس العالم عام1950؛ إذ كانت دموع والده- اللاعب المغمور لأندية فلومينسي وأتلتيكو مونييرو، والذي حرمته الإصابة من استكمال حلمه بأن يكون لاعبًا مشهورًا، بمثابة المحطة الفارقة والدافع الإنساني لتحقيق بيليه سلسلة من الانجازات الكروية لاحقًا.
كان حرمان والد بيليه، «دوندينو» من اللعب وقطع ناديه راتبه ورفضه تحمل مصاريف علاجه، سببًا في انتقال المسئولية إلى أديسون الصغير أو «بيليه»، ليبدأ العمل كماسح أحذية من أجل مساعدة عائلته، لكنه تمسك بحلمه وحلم والده بأن يكمل هو مسيرة والده ويصبح لاعبًا مشهورًا.
عكف بيليه ووالده معًا على تحقيق الحلم حتى جرى اختياره في اختبارات ناشئي نادي سانتوس عام 1956، ليصبح واحدًا من أبرز لاعبي الفريق بعد ذلك ويتم استدعائه لكأس العالم 1958، في محطة فارقة جديدة لفت خلالها أنظار العالم قبل أنم يجلب لبلاده 3 كؤوس غالية في الأعوام 1958 و1962 و1970 الأمر الذي دفع البرازيل للإعلان عن دخولها رسميًا افى حالة حداد لمدة 3 أيام تيمنًا بالبطولات الثلاثة للجوهرة السوداء.