على الرغم من التطور الطبى المذهل هناك بعض المرضى يلجأون للعلاج بالأعشاب، أو ما يُعرف بالطب البديل، وحتى إن كان العلاج بالأعشاب لا يمثل خطورة فى حد ذاته، فإنه يؤدى إلى التأخر فى التشخيص السليم وتناول العلاج المناسب فى وقت مبكر؛ ما يسبب كثيرًا من المضاعفات، التى تؤدى إلى الوفاة أحيانًا، خاصة إذا كان المريض يعانى من وجود أورام. قال الدكتور أسامة غراب، استشارى المخ والأعصاب، عبر صفحته الشخصية، على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، إنه «من شهرين جاءت لى مريضة فى عيادتى بالساحل تعانى من صداع وترجيع وعصب سادس ونزيف من فتحة الشرج متقطع مع إمساك لكن الشكوى الرئيسية هى الصداع الشديد، وقمت بعمل أشعة رنين مغناطيسى على المخ والبطن. واتضح وجود ورم سرطانى بالأمعاء الغليظة، وهذا الورم منتشر وتسبب فى بؤرة ثانوية للمخ والكبد (يعنى عامل ورم فى المخ وورم فى الكبد)، وقمت بكتابة علاج لها يخفف ضغط المخ وتحويل المريضة لمعهد الأورام، وتم استئصال سرطان المعدة فى المعهد، ثم بدأت جلسات كيماوى، وإشعاعى مكثفة لبؤر الكبد الثانوية وجذور ورم الأمعاء المستأصل، وبدأت حالة المريضة فى التحسن وخططت لها لإجراء جراحة المخ بعد ما تسمح حالتها الصحية، وفجأة المريضة انقطعت عنى تمامًا، وبطلت تتابع معايا وبعد مرور أكثر من شهر من الانقطاع عنى جاءت من 5 أيام العيادة، وفوجئت بأنها مركبة ماروكة غسيل كلوى فى رقبتها، وعبارة عن جثة هامدة لكن ما زال فيها النفس». وسألتها: أين كنتِ؟ وماذا فعلتِ؟ قالتلى شاهدت على اليوتيوب حلقة للدكتور «ج. م. ع»، يتحدث بها عن وصفات وعلاج يشفى تمامًا من السرطان فذهبت إلى عيادته بالقاهرة، فقام بتقطيع الروشتة وألقى بها إلى سلة القمامة، وقال لى إن هذا العلاج خطأ جدًّا، وقاللى هشفيكى من السرطان بالأعشاب الطبيعية وبعض الأدوية الكيميائية غير الضارة، وقمت فورًا بوقف جلسات العلاج الكيماوى والإشعاعى، وصرف لى أعشاب بقيمة 21 ألف جنيه، وتتمثل فى شرب حبة البركة 7 مرات يوميًا بدون سكر، وروشتة تحتوى على بنادول للصداع. كانت النتيجة أن السرطان دمر الكبد، وعمل انسداد وتراكم للصفراء، وزاد الصداع والحول والضغط على المراكز الحيوية، وكيمياء الدم ارتفعت، ولذلك المريضة دخلت غسيل كلوى، فما كان منى إلا أنى أرجعتهم لدكتور الأورام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن كان الوقت فات، وزوجها كلمنى وقال لى إنها ماتت، صاحبة ال38 عامًا، التى تعول ثلاثة أطفال أكبرهم فى تانية ابتدائى، هذه ضحية من ضحايا الجهل والدجل». ورصد دليل خدماتى أضرار التوجه للطب البديل والعلاج بالأعشاب لمرضى الأورام، وقال الدكتور حسين خالد، أستاذ طب الأورام فى جامعة القاهرة، وزير التعليم العالى الأسبق ل«المصرى اليوم»: «هناك قواعد وإرشادات علمية دولية لعلاج مرضى الأورام ولا يجب تجاهلها، لأنه يوجد لدينا علاجات للأورام معترف بها فى جميع أنحاء العالم، فالطرق الأخرى لعلاج الأورام غير الطرق الطبية المعترف بها، تسبب كثيرًا من المضاعفات بسبب عدم التوجه لأخذ العلاج السليم فى الوقت المناسب، ما يسبب تدهور الحالة، فالعلاج بالأعشاب قد يحتوى على بعض المواد الضارة، فليس كل ما يحتوى عليه مواد مفيدة، فأغلب هذا العلاج يكون مستخرجًا من أعشاب ونباتات ومركبات كيماوية، ومن أهم طرق الوقاية التشخيص السليم والتوجه لأخذ العلاج المناسب لأن التأخر قد يؤدى لكثير من المضاعفات قد تصل إلى الوفاة». وأضاف الدكتور باسم صالح، إخصائى علاج الأورام وأمراض الدم السرطانية، مؤسس كيان أونكولوجى لدعم مرضى الأورام، ل«المصرى اليوم»: «نسمع كثيرًا عن مستخلصات الأعشاب والطب البديل وعن استخدامها فى علاج السرطان والوقاية منه خصوصًا للوقاية من سرطان القولون، ونرى كثيرًا من المرضى يسألون عن دور هذه الأعشاب فى حمايتهم من السرطان أو المساعدة فى العلاج أو استخدامها بديلًا للعلاج الموصى به من الأطباء؛ سواء جراحة أو كيماوى أو موجه أو مناعى». وأوضح أن أحد أشهر هذه المستخلصات والأعشاب هو الشاى الأخضر، تشتهر مادة ال «GTE»، ومادة ال«epigallocatechin gallate = EGCG» باعتبارهما مستخلصتين من الشاى الأخضر ولهما دور فعّال فى الوقاية من سرطان القولون والمستقيم، لأنهما تؤديان إلى تثبيط حدوث السرطان «Anti-neoplastic»، وهذا البحث أجرى على 879 مريضًا خلال 3 سنوات وقام الباحثون وعلى رأسهم Thomas Seufferlein من Ulm university Hospital، Baden Wurttemberg، Germany بتقسيم المشتركين إلى مجموعتين، إحداهما تضم 432 شخصًا، تلقوا مستخلص الشاى الأخضر GTE، EGCG، ومجموعة أخرى 447 شخصًا لم يتلقوا أى شىء. وكانت النتيجة بعد المتابعة 3 سنوات عن طريق عمل منظار قولون بانتظام وتحاليل كيمياء البراز المسؤولة عن تشخيص مشاكل القولون من الأورام الحميدة لسرطان القولون، أنه لا يوجد فرق بين المجموعتين، أى أنه لا يوجد أى دور لمستخلصات الشاى الأخضر فى الوقاية من سرطان القولون، والاستخدام المفرط لهذه المستخلصات قد يؤدى إلى التأثير السيئ على الكبد، وقد يصل إلى حد التليف واضطراب وظائف الكبد.
