قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» إن إقراض البنك الدولى للدول المضطربة اقتصاديًا وصل إلى مستوى قياسى، بعد أن اضطرت عشرات الدول إلى طلب مساعدة صندوق النقد الدولى بسبب الظروف التى فرضها انتشار وباء كورونا، ثم الحرب الروسية- الأوكرانية، والارتفاع الحاد فى أسعار الفائدة العالمية، حيث يتصدى الصندوق لأزمات متتالية دفعت خمس دول على الأقل إلى التخلف عن السداد، ومن المتوقع أن يتبعها المزيد. وأظهر تحليل أجرته «فاينانشيال تايمز» لبيانات صندوق النقد الدولى أنه مع نهاية أغسطس بلغ حجم القروض التى صرفها الصندوق 140 مليار دولار فى 44 برنامجًا منفصلًا، وهو الرقم الذى من المتوقع أن يزيد مع ارتفاع تكاليف الاقتراض، كما أنه يزيد على مبلغ الائتمان المسجل فى نهاية عام 2020 و2021 التى وصلت فيها المستويات إلى أعلى قياس سنوى. ويتوقع الخبراء أن الزيادات الكبيرة فى أسعار الفائدة من جانب البنوك المركزية فى الأسواق الرئيسية ستؤدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض فى جميع أنحاء العالم ما يؤدى إلى حدوث ركود حاد. وتبلغ تعهدات قروض صندوق النقد الدولى، بما فى ذلك تلك المتفق عليها ولم يتم صرفها بعد، 268 مليار دولار. ويحذر كيفين جالاجر، من مركز سياسات التنمية العالمية بجامعة بوسطن، أنه خلال الأعوام من 2022 إلى 2028 سيكون على 55 من أفقر دول العالم سداد ديون بقيمة 436 مليار دولار، مع استحقاقات تُقدر ب61 مليار دولار هذا العام، وحوالى 70 مليار دولار عام 2024. بينما قال بيكاس جوشى، رئيس إدارة الاستراتيجيات والسياسات والمراجعة بصندوق النقد الدولى، إن إجمالى تعهدات صندوق النقد الدولى لايزال جزءًا مما يقرب من تريليون دولار يمكن إتاحتها، مضيفًا أن حجم الإقراض يتناسب مع المخاطر المتزايدة التى تواجهها الدول التى تلجأ إلينا طلبًا للدعم. ويجرى صندوق النقد مفاوضاته مع عدة دول حول حزم الدعم التى ستؤدى إلى زيادة التزاماته الإجمالية بشكل أكبر. وتتفاوض زامبيا وسيريلانكا اللتان تعثرتا مع تفشى وباء كورونا، إلى جانب لبنان وروسيا وسورينام، على خطط إنقاذ صندوق النقد الدولى كجزء من جهود إعادة هيكلة ديونها، كما تجرى غانا ومصر وتونس محادثات مبكرة للحصول على دعم مماثل. ووافق صندوق النقد الدولى على خطة إنقاذ بقيمة 1.1 مليار دولار لباكستان فى نهاية أغسطس. من المقرر أن تتلقى الأرجنتين 3.9 مليار دولار فى الأسابيع القليلة المقبلة كجزء من برنامجها البالغ 41 مليار دولار. وعادة ما تنص قواعد صندوق النقد الدولى أن تحصل الدول على دعم يعادل 145% من حصتها فى صندوق النقد الدولى، أو المساهمة فى الصندوق، والتى عادة ما تتناسب مع حصة كل دولة فى الاقتصاد العالمى، وهو ما يعنى أنه سيتبقى 370 مليار دولار للدول منخفضة الدخل والمتوسطة من إجمالى قدرة صندوق النقد الدولى على الإقراض، والتى تصل إلى 940 مليار دولار، إلا أنه عادة ما يتم تجاوز هذا الحد. وحزمة الدعم التى حصلت عليها الأرجنتين، والتى تمت الموافقة عليها فى مارس الماضى لإعادة هيكلة الديون، تساوى أكثر من 10 أضعاف حصتها، كما يتوقع المحللون فى بنك جولدمان ساكس أن تحصل مصر قريبًا على حزمة بقيمة 15 مليار دولار، أى ما يعادل ستة أضعاف حصتها.
