يندهش البعض إذا عرفوا أن نقصا في سلعة غذائية واحدة قد يودى بحياة عشرات الآلاف، ويذكر لنا التاريخ أنه بالرغم من أن شعوبا عديدة واجهت مجاعات كثيرة، ومنها ما تمثل في نقص سلعة غذائية واحدة لكنهم تغلبوا عليها بالاستعاضة عنها بسلع أخرى لكن هذا لم يكن متاحًا في أيرلندا منذ مايقرب من 177 عاما تحديدا في عام 1845حيث حدثت مجاعة في محصول البطاطس تحديدًا، والمدهش أن هذه المجاعة أودت بحياة مليون إنسان، ففى بداية صيف عام 1845، كان الطقس في أيرلندا جيدا ومشمساً، وكان محصول البطاطس ينمو بصورة جيدة، ثم سرعان ما تغير الحال فجأة حين صار الجو غائماً وبارداً ورطباً، وقد حملت هذه الموجة معها الدمار الشامل لمحصول البطاطس، كما حملت معها الموت والبؤس لشعب أيرلندا، فقد كانت تلك الموجة الباردة ملائمة لحدوث إصابة وبائية تعرف باسم مرض لفحة البطاطس. حدث هذا «زى النهارده» فى 24 سبتمبر 1845، وانتهى الأمر بدمار المحصول الذي كان يعتمد عليه معظم زُرَّاع الأراضى وفقراء أيرلندا كغذاء رئيسى ليس له بدائل، فحلت الإصابة الوبائية بمحصول البطاطس وقرر روبرت بيل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، استيراد الذرة إنقاذاً للموقف فكانت هذه المجاعة هي الحدث الأسوأ في تاريخ أيرلندا، وكان الفلاحون يحفرون الأرض بحثاً عن حبة بطاطس، وقد يجدونها متعفنة فيقطعون الجزء المتعفن ويأكلون السليم، وسرعان ما انتشرت الأمراض وظهرت الأوبئة، ومات نحو مليون مواطن جراء هذه الكارثة، وهاجر الكثير هرباً من المجاعة، فرحل نحو مليون ونصف المليون إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية وكندا وبريطانيا، وكان تعداد أيرلندا ثمانية ملايين نسمة، وكانت السفن تزدحم بالركاب بصورة غير عادية.
