الموسيقار الكبير عمر خيرت ل«المصرى اليوم»: الفن رسالة وليس «بيزنس وأكل عيش» (حوار)

اعتبر الموسيقار الكبير عمر خيرت أن أعظم جائزة يمكن أن يحصل عليها أى فنان هى جائزة حب الجمهور، وأكد أن ذلك نعمة من الله وتكليل لمشواره الفنى بعد رحلة إبداع وألم ومعاناة فى مجال الفن. وقال خلال حواره ل«المصرى اليوم»، إن الصدق السلاح الأوحد لعلاج كل ما لحق بالموسيقى من تدهور فى الآونة الأخيرة، وإن الفن مسؤولية كبيرة للغاية، ومن الظلم أن يفتح قلبه لأنثى لتسكن بجوار عشقه للموسيقى.
وأضاف «خيرت» أنه لا يستطيع أداء مهام كثيرة فى آن واحد، وأن التمثيل لا يستهوى قلبه، مشيرًا إلى أنه يرفض الاشتراك فى لجان التحكيم لأنه مؤلف موسيقى ويحب أن يساعد الجميع بالطريقة والموهبة.
كما تحدث «خيرت» عن تقديم الرئيس السيسى الشكر له خلال احتفالية «قادرون باختلاف»، وأكد أنه لا يزال هناك بعض الفنانين لا يعتمدون عند تقديم موسيقاهم على المكسب ولكن يهتمون بالرسالة التى يقدمونها، مشيرًا إلى أن الفن أمانة مع النفس يجب تقديمها بما يليق بها.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية حدثنا عن مشاريعك الأخيرة؟
- شاركت بحفلات فى أوروبا وأمريكا وأوبرا سلطنة عمان ومعرض إكسبو 2020، وحفلين فى دبى، وأيضًا هناك حفلات لدار الأوبرا باستمرار كل شهر حفلين وأقدمهما يومى 7 و8 مارس، ومؤخرًا نظمنا حفلا كبيرا جدًا أُذيع على MBC فى «العلا»، وعملت صياغة موسيقية لأعمال تراث سعودى، وقدمت فى الحفل وكان لها أثر كبير جدًا، والناس سعدت بها جدًا، وهذا كان تكليفا من وزارة الثقافة السعودية.
■ كيف تلقيت الإشادة بك من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى احتفالية «قادرون باختلاف»؟
- كانت لفتة كريمة من قبل السيد الرئيس، وهى بمثابة جائزة لوحدها من الرئيس أن يقول تلك الكلمات الجميلة التى قالها وهى كبيرة جدًا عندى، وله كل الاحترام والتقدير.
■ هل حاولت تسجيل سيرتك الذاتية أو كتابة مذكراتك؟
- قام بذلك مؤخرا الكاتب الصحفى محمد الشماع وهى فى طريقها للنشر.
■ ما عنوان المذكرات؟
- عنوانها «المتمرد» والكاتب الصحفى محمد الشماع هو من اختار الاسم وأعجبنى جدا ويصلح عنوانًا لفيلم.
■ كانت لك تجربة واحدة فى التمثيل خلال فيلم «الحب المحرم» عام1971.. لماذا اعتزلت بعدها؟
- نعم، تلك التجربة كانت مع حسن الإمام، لأن «صاحب بالين كداب»، أنا لا أستطيع أن أكون متعدد المواهب، هذا ما أؤمن به، والسينما لها بريقها، ففى فيلم «سكوت هنصور» صنعت موسيقى الفيلم، وطلب منى تصويرها، وبعد فيلم «الحب المحرم»، طلب منى التمثيل فى «آيس كريم فى جليم»، لكننى لا أحب التمثيل.
■ برأيك كيف يمكن الوصول إلى آلية واضحة للنهوض بالموسيقى بعد تعرضها لتدهور فى الآونة الأخيرة؟
- الفن مرآة المجتمعات والشعوب، وتدهور الفن سبب رئيسى لتفاقم مشاكل الدول، والمشاكل الإنسانية يستطيع الفن أن يعبر عنها، إذ يتماشى مع كل ما يحدث فى المجتمع، وليس حكرًا لأحد، بل يستطيع أى شخص أن يعبر عن ذاته بالفن، لكن لابد أن يكون صادقًا وأن يستمر لكى يصبح الفن ناجحًا.
■ هل ترى أن الموسيقى التصويرية لم تأخذ حقها الكافى فى السينما؟
- ربما كان ذلك فى فترة ما، لكن الموسيقى أصبحت من الأعمدة الأساسية فى صناعة السينما بشكل عام.
■ هل تغيرت ردود فعل جمهور حفلاتك على مدار السنوات؟
- ازداد عدد جمهورى على مدار السنوات، رغم صعوبة الحصول على التذاكر، وأشكر الله لأن طريقى خاص بى، وفى هذه الفترة أقبل أعمالى وفقا لمعايير الجودة، الكتابة، السيناريو، القصة.
■ ما السر وراء حضور الجمهور حفلاتك رغم تكرار الأعمال المقدمة فيها؟
- كل حفل يكون مختلفا عن الآخر فدائمًا ما يكون بها إضافة أو تجديد لا يشعر به سوى من يحضر الحفل.
■ فى كل مرة أسمع موسيقى عمر خيرت أشعر أن هناك شيئًا جديدًا أحاول الوصول له لكن لا أنجح.. لماذا؟
- هذا ما أفعله، فهذا هو نفس اللحن الذى قدمته من قبل، لكن بطريقة أخرى، أضيف وأحذف وأجدد، وبفضل الله كل فترة فى حفلاتى أقدم أشياء جديدة لأن لدى برنامجا كبيرا، وهناك الكثير من الأعمال التى لم تر النور بعد، ففى المهرجانات الأعمال التى تفرقع مثل البالون مرة أو مرتين فقط لكنها لا تعيش، بينما الكلاسيكيات تكون مصنوعة بصدق وموهبة وهى التى تعيش.
■ هل تتعامل مع طبقة الصوت نفسها؟
- لا أتعامل مع طبقة الصوت لكن مع تكوين المطرب نفسه، إذ يجب أن يكون لديه خلفية فنية كافية، ويستطيع التعامل مع جمهوره ومع الأغنية نفسها.
■ ما تأثير هذه البيئة على تكوينك الموسيقى؟
- كان المناخ الأنسب.. بيت جدى محمود بك خيرت كان محاميا وسكرتيرا لمجلس الشيوخ فى عهد سعد باشا زغلول وكان أديبا وشاعرا وفنانا تشكيليا، حيثُ كان مقرًا وصالونا دائما للفن وكان يأتى سيد درويش به وشعراء ورسامون وأجانب، وأبى رحمه الله كان يحكى لى كل أسبوع ما يحدث فى جلسات الفن والأدب والشعر، وأم كلثوم وعبدالوهاب غنيّا أمام سيد درويش فى هذا البيت، فهذا المناخ أثر على تكوينى، وهناك جينات وراثية فجميعهم يحبون الفن، ولكنى ركزت ثم أحببته كثيرًا، عمى كان مهندسًا معماريًا وأبى أيضًا كان مهندسًا معماريًا وولدت فى أسرة تحب الفن.
■ هل فكرت فى تقديم برنامج على غرار برنامج عمار الشريعى «غواص فى بحر النغم» تشرح به فلسفة الموسيقى وتحليلاتك؟
- لا أريد الظهور فى التليفزيون والميديا ولا أستطيع فعل شيئين فى آن واحد.
■ هل يوجد حاليًا تيار يمثل الموسيقى الشرقية الصميمة التى لا تجرى وراء الكسب التجارى؟
- بالتأكيد هناك البعض، وأنا منهم لا يعتمدون عند تقديم موسيقاهم على المكسب ولكن لم يظهروا للنور، وهناك من يهتموا بتقديم المغنى ويهتمون بالمكسب دون النظر للكلمات فالبعض لا يزال يهتم بالرسالة التى يقدمها وأنا مثلهم أكثر من اهتمامهم بالفن باعتباره «بيزنس وأكل عيش»، ولكن هذا النوع لن ينجح فيجب أن تكون هناك أمانة مع النفس ومع ربنا عند تقديم الفن، وأحيانًا يكون الشخص غير معد نفسيًا لتحمل مسؤولية هذا الفن.
■ أين تقع الموسيقى المصرية مقارنة بنظيرتها العالمية والعربية؟
- الموسيقى المصرية والعربية فى تقدم مستمر.
■ بعض أنواع الموسيقى التى تقدمها أثار تساؤلات لدى وخاصةً عندما تكون موسيقى لعمل سياسى فكيف تجعل نغماتك تجذب الجمهور كما فى فيلم «الممر»؟
- عن طريق المشاعر، فالموسيقى متداخلة مع السياسة، فحب الوطن هو درجة عالية من الحب، وردود الأفعال على فيلم «الممر» مثلا كانت إيجابية جدًا.
■ أغلب أعمالك مُنصبة على الدراما بينما الأعمال المسرحية قليلة جدًا، وتكاد تكون نادرة، إذا عرض عليك عمل جيد هل ستعود إلى المسرح؟
- بالتأكيد حينها سأعود، ولم لا أعود.
■ هل يقاس نجاح أى عمل بنسبة رواجه على السوشيال ميديا؟
- بالطبع للسوشيال ميديا تأثير على الموسيقى والأعمال الفنية فهى السبب فى انتقالها، بأسرع ما يمكن وانخفاض معدل إنتاج الشركات فأصبح كل شيء متاحًا على السوشيال ميديا، لكن لا بد أن يكون العمل جيدًا ومحترمًا فلا يتوقف نجاح العمل على رأى السوشيال ميديا فقط، فهناك لجان تحكيم أيضًا يجب أن يؤخذ رأيها بعين الاعتبار.
■ لماذا ترفض الانضمام إلى أى لجان تحكيم؟
- أنا مؤلف موسيقى ولست حكمًا، وأحب أن أساعد الجميع بالطريقة والموهبة التى أعطاها لى الله، كما أن مهنة التحكيم تحتاج إلى وقت، والمحكمون ليسوا بحاجة لى إلى هذه الدرجة.
■ هل انضم أحد أفراد أسرتك إلى مجال الفن حديثًا؟
- نعم، ابنة أخى «أمينة خيرت» دخلت بالفعل فى مجال الفن عن طريق الغناء فى الأوبرا.
■ وبماذا نصحتها؟
- نصحتها بالدراسة وتخصصت بالغناء الأوبرالى.
■ من الذى تراه من الموسيقيين الشباب «عمر خيرت» الصغير؟
- لكل فنان شخصيته وهويته المستقلة، ولكن يحدث أن يقوم فنان صغير فى بدايته بتقليد فنان كبير يحبه، وهذا طبيعى لأنه من أين سيأتى الفنان الصغير بالخبرة سوى من السابقين له، وبعد ذلك يجد نفسه ويكون شخصيته.
■ ما أقرب جائزة حصلت عليها إلى قلبك؟
- الجوائز كثيرة جدًا، لكن جائزة حب الجمهور نعمة من الله وأعظم جائزة يمكن أن يحصل عليها أى فنان، وتكليل لمشواره الفنى بعد رحلة إبداع وألم ومعاناة فى مجال الفن.
■ هل يدق قلب عمر خيرت للحب مرة أخرى؟
- لقد جربت الحياة الزوجية ولدى بنت وولد، ولكن الفن تأثيره قوى، لا أريد أن أظلم أحدا معى لأنى أحب الفن، فالزواج من فنان مسؤولية كبيرة.
■ فى النهاية.. أخبرنا عن أُمنية لك وأُخرى لمصر وللعالم فى 2022؟
- أحب أن أقول «تحيا مصر»، وأتمنى أن يحمى الله مصر والعالم كله، وأن يعيش العالم كله فى سلام ولا تقع أشياء تسبب الضرر للبشرية، وأن مُصرنا الحبيبة توصل للعلا، وأعلى المراتب لأنها تستاهل كل الخير وأجمل بلاد الدنيا وليس لنا كمصريين بل أيضًا للأجانب لأننا نحن الحضارة بالنسبة للعالم كله، والحمد لله إحنا فى حالة بمنتهى الجمال وإن شاء الله حاتبقى أحسن وأحسن فى المستقبل.
■ ماذا عن أُمنيتك الشخصية؟
- الصحة، وأن أستطيع أن أستمر فى مجال الفن.