قمة العرب التاسعة للطيران: الأزمة الأوكرانية ضربة موجعة لقطاع لم يفق من تبعات كورونا

قلبت الأزمة الروسية الأوكرانية، أوراق وموضوع قمة العرب التاسعة للطيران التي اختتمت فعالياتها أمس الأول، في إمارة رأس الخيمة بدولة الامارات العربية المتحدة، فعلي مدار 8 جلسات بخلاف حفل الافتتاح حظيت تلك الأزمة بمناقشات وحوارات المشاركين من خبراء وصناع قطاع الطيران.
وبينما كان من المفترض أن تناقش القمة موضوع واحد، وهو «طريق تعافى قطاع الطيران العربي بعد كوفيد19» إلا أن الأزمة الروسية الأوكرانية التي اندلعت قبل يومين من بدء القمة، كانت هي العنوان والمحور، فارضة نفسها وبقوة على حديث المسؤولين والخبراء بالقمة.
وأكد المشاركون في الجلسات أن من تبعيات هذه الأزمة هو ارتفاع أسعار البترول مؤخرًا وتجاوز البرميل 100 دولار، وهو ما يعد خطرًا كبيرًا على شركات الطيران، إذ ستؤدي إلى ارتفاع التكلفة التشغيلية، ومن ثم أصبحت احتمالات رفع أسعار التذاكر واردة بقوة، مشيرين إلى أن تقييد حركة الطيران لشركات طيران بعينها في أجواء بعض الدول سيؤثر بشكل كبير في ارتفاع خسائر قطاع الطيران العالمي، وسيحد من من حركة التنقل لملايين من البشر.
غير أن القمة خرجت بعدد من التوصيات المهمة تم ترجمة بعضها على أرض الواقع إلى حلول للخروج بالقطاع من كبوته، ثم الوصول إلى طريق التعافي الاقتصادي للقطاع، وفقًا لعنوان القمة لهذا العام، وفي مقدمة تلك التوصيات هي ضرورة وضع خطط مستقبلية محددة لمواجهة أي تحديات، وضرورة إيجاد حلول عاجلة للتحديات التي تواجه الصناعة كارتفاع أسعار النفط وما يترتب عليها من إزدياد في التكاليف التشغيلية.
وجاء في مقدمة تلك الحلول ضرورة تخفيف النفقات لدى شركات الطيران ووضع حدود للمنافسة وعدم التأثير المباشر في أسعار التذاكر، إلى جانب إجراء حوار بين الشركات الصغيرة لمواجهة التحديات وبحث الأفضل للصناعة.
كامل العوضي، نائب الرئيس الإقليمى للاتحاد الدولى للنقل الجوى «إياتا» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في كلمته أشاد بقيام بعض الدول برفع القيود مؤخرًا وهو ما يعد رسالة قوية ومبشرة لعودة التماسك للقطاع، لكن هذا يتطلب ايضا ضرورة اتفاق الدول على تطبيق إجراءات احترازية موحدة يمكنها أن تعيد حركة الطيران إلى طبيعتها، مرجحاً أن تشهد أسعار تذاكر الطيران ارتفاعاً بسبب ما تشهده الساحة الأوروبية من صراعات وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية التي رفعت أسعار البترول إلى مستويات قياسية، مؤكدا أن شركات الطيران ستكون الخاسر الأكبر في هذه الأزمة.
أما عادل العلي رئيس القمة التاسعة للطيران العربي 2022، أكد أن قطاع الطيران العربي من القطاعات الاقتصادية المهمة للمنطقة رغم التداعيات العالمية المتسارعة للاحداث التي تؤثر في مسيرة هذا القطاع، وفي مقدمتها جائحة كورونا التي ضربت قطاع الطيران العالم في مقتل، إضافة إلى الأحداث الدائرة بين روسيا والولايات المتحدة، وما يجري في أوكرانيا.
وقال: أنه رغم القفزات القوية التي حققها قطاع الطيران العربي خلال العقدين الماضيين، إلا أن الوطن العربي لايزال يعاني من ضعف في البنية التحتية، والمتمثلة في عدد المطارات المدنية التجارية في البلدان العربية، والتي يجب أن تزيد بنسبة 400% خلال العشر سنوات المقبلة، لأن الموجود حالياً لم يتخطي حاجز 120 مطاراً تخدم نحو 380 مليون نسمة، وهو رقم لا يناسب مع عدد من السكان وبمقارنة هذا العدد مع القارة الأوروبية التي يسكنها قرابة 450 مليون نجد أن بها نحو ألفي مطار مدني .
وشدد على ضرورة العمل فيه من خلال نظرة اقتصادية بحتة، لأنه من القطاعات القادرة على توفير أكبر من فرص العمل للشباب العربي، غير أن حصة بلاد المنطقة من منظومة الطيران العالمية لاتزال «متواضعة» مشددًا على ضرورة العمل على تعظيم هذه الحصة مع امتلاك الوطن العربي لمعدلات نمو كبيرة خاصة التعداد السكان.
وأشار إلى أن ملايين المواطنين حول العالم يعملون في قطاع النقل الجوي، إذ يعتبر من القطاعات الخِدمية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لافتًا إلى أن الطيران يسهم بنحو 4% من حجم الإنتاج العالمي للاقتصاد.
قائلاً: إذا ما نظرنا إلى هذا القطاع عالمياً سنجده يوفر نحو 56 مليون فرصة عمل، وإذا ما أضفنا إليهم عدد العاملين في مجلات الخدمات اللوجستية من موظفي شركات السياحة والسفر والنقل وشركات الخدمات الأخري سيصل إجمالي العاملون بهذا القطاع 226 مليون شخص يعملون في استثمارات تتخطى 7 تريليونات دولار .
وقال «العلي» أن كل المؤشرات تؤكد أن النصف الثاني من عام 2022 سيكون عام عودة الطيران وعودة حركة السفر السفر الدولي إلى معدلاته الطبيعية التي كان عليها قبل عام 2019 نظراً لأن المؤشرات تؤكد أن جائحة كورونا في سبيلها للانقشاع والسيطرة عليها بات قريباً، وأن شركات الطيران العربية لديها فرصة كبيرة، للعمل والتمدد خلال الفترة المقبلة، وأن بعض منها بدءا بالفعل في إبرام طلبيات ضخمة لشراء طائرات جديدة لزيادة حجم أساطيلها وأنها مطالبة الآن بتوظيف العديد من الذين تم الإستغناء عنهم في العامين الماضيين، والذين يمثلون 40% من القوى العاملة في بعض الشركات، بخلاف البحث عن حلول لارتفاع أسعار الوقود بشكل لافت، وفتح حوار للعمل بين الشركات الصغيرة والكبيرة.
وقال أن النموذج الأفضل لتطوير قطاع الطيران يتطلب أن ننظر للمستقبل، وكيف نساهم في تسيير السفر وخدمات حجز تذاكر الطيران لكل الأجيال خصوصا الجيل من 18 إلى سنة، وحصولهم على أفضل سعر للسفر، والعمل على تطوير أعمال المطارات، بعيدا عن العمل التقليدي الذي مازالت نمارسه الآن، حتى لا يجد المسافر تفاوت بين الخدمات التي توفرها شركات الطيران، عن تلك التي توفرها المطارات.
وتحدث مكايل هواري رئيس شركة إيرباص في الشرق الأوسط وأفريقيا، في الجلسة الثانية وقال: إن صناعة الطيران العالمي تخسر يومياً مليارات الدولارات، بسبب التحديات التي يشهدها العالم، بداية من جائحة كوفيد -19، مروراً بالأزمة الراهنة في أوكرانيا، وما تسببت فيه من توقف للعديد من رحلات الطيران، إضافة إلى حالة القلق التي يشهدها العالم وما ترتب عليها من ارتفاع أسعار الوقود بسبب كل هذه التحديات وغيرها.
وأشار هواري إلى انه بجانب التحديات السابقة، هناك تحدي أخر يعمل القطاع في السعي فيه قدماً وهو التوسع في الرقمنة، والإستدامة، والقفزات في مختلف مكونات التكاليف، والعمل بشكل مستمر وجيد وبرؤي أكثر عمقا لكي يساعد على تطوير الأعمال، لذا تعمل الحكومات على تطوير الذكاء الإصطناعي، والإستفادة من الطفرات التي تحققها التكنولوجيا في مجال الطيران ودعم الاقتصاد، وأن هناك دولاً في المنطقة حققت نجاحات في هذا الشأن بشكل ملموس مثل مصر والإمارات والسعودية.
وركز معن رزوقي الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية الكويتية على الجهود العالمية الرامية للحفاظ على لبيئة والحد من التلوث والوصول إلى النقطة الصفرية في هذه القضية وهو ما يعزز من السياحة وتنشيط السفر،
مشيرا إلى أن العديد من شركات لجأت بسبب الازمات إلى تخفيف النفقات، ومنها تأجير الطائرات، لسد الفجوات الراهنة في قطاع الطيران، والتي سببتها الأزمات في العالم والمنطقة، وما يجري في شرق أوروبا، والذي اثر بشكل ملفت على قطاع الطيران.