واشنطن تعين «ساترفيلد» مبعوثا جديدا للقرن الإفريقى

أعلن وزير الخارجية الأمريكى، أنتونى بلينكن، تعيين الدبلوماسى الأمريكى المخضرم ديفيد ساترفيلد، مبعوثا خاصا إلى منطقة القرن الإفريقى خلفاً للسفير المنتهية ولايته، جيفرى فيلتمان. وجاء اختيار ساترفيلد مفاجأة للمراقبين، لاسيما أنه أقرب للمنطقة العربية وشؤون الشرق الأوسط، حيث سبق له العمل فى كل من مصر وتركيا، وله خبرة كبيرة فى شؤون الشرق الأوسط، فشغل منصب مدير عام مراقبى القوة متعددة الجنسيات فى سيناء بين عامى 2009 و2017، كما عمل مساعدا لوزير الخارجية بالوكالة لشؤون الشرق الأوسط بين عامى 2017 و2019، قبل أن يتولى منصب سفير للولايات المتحدة فى تركيا خلال إدارة الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.
وأثار اختيار إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن للسفير ساترفيلد، فى هذا التوقيت، الكثير من التساؤلات، لاسيما أن المنطقة غارقة بالفعل فى العديد من الأزمات بداية من الاضطرابات فى السودان واختلافات شركاء الحُكم فى الخرطوم، ومرورا بالحرب الأهلية المستعرة فى إثيوبيا بين الحكومة الإثيوبية وقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى، بالإضافة إلى أزمة سد النهضة بين مصر والسودان من جهة واثيوبيا من جهة أخرى.
وبدورها، أشارت السفيرة الأمريكية السابقة فى إثيوبيا، باتريشيا هاسلاش، إلى أن اختيار السفير ساترفيلد، هو اختيار جيد، مشيرة إلى انه بالرغم أن المبعوث الأمريكى الجديد لمنطقة القرن الإفريقى قد لا يتمتع بخبرة مباشرة فى إثيوبيا والتى تشهد أزمات عديدة، إلا أنه خدم فى مصر وتركيا خلال وقت سابق، والدولتان مهمتان لإقناع الحكومة الإثيوبية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراى لوقف القتال وبدء حوار وطنى.
وألمحت السفيرة الأمريكية فى إثيوبيا خلال الفترة من 2013 إلى 2016، فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم»، إلى أن توريد الطائرات بدون طيار للحكومة الإثيوبية مؤخرا، قلب الوضع فى ساحة القتال لصالح رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، حيث يعود النجاح العسكرى الأخير لحكومته جزئيًا إلى الطائرات بدون طيار التى قدمها الداعمون الأجانب.
وحول إمكانية تغير الموقف الأمريكى فى مفاوضات سد النهضة خلال المستقبل القريب، استبعدت «هاسلاش»، هذه الفرضية قائلة: إن عمل السفير ساترفيلد السابق فى القاهرة، سيجعله فى وضع يسمح له بتشجيع جميع الأطراف على الاتفاق حول سد النهضة. وحول تقييم الفترة التى شغل فيها السفير فيلتمان منصب المبعوث الأمريكى الخاص لمنطقة القرن الإفريقى، أشادت السفيرة الأمريكية المخضرمة بأداء فيلتمان، موضحه أنه دور يجرى وراء الكواليس، وكان بابه مفتوحًا للتشاور مع جميع الأطراف، بما فى ذلك مجموعة السفراء الأمريكيين السابقين فى إثيوبيا، مشيرة إلى أن التقريب بين طرفين فى نزاع يتطلب أن يرغب كلا الطرفين فى التحدث وحل النزاع، مشددة على أنه لا يمكنك فرض اتفاقية على أطراف النزاع إذا لم تتوفر إرادة حقيقية للأطراف المختلفة مهما كانت مهارة الدبلوماسيين.
من جانبه، أوضح السفير تيبور ناجى، مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشؤون الإفريقية خلال إدارة الرئيس ترامب، ل«المصرى اليوم»، أن اختيار مبعوث أمريكى جديد للقرن الإفريقى مسألة عملية وليست جوهرية بعد نهاية فترة عمل السفير فيلتمان.
وأشار الدبلوماسى الأمريكى، الذى سبق له أن عمل فى عدة عواصم إفريقية وعالمية، من بينها أديس أبابا، إلى أنه على الرغم من أن الإدارة الأمريكية يمكنها اختيار ما تريد فى أى منصب، إلا أن ساترفيلد فى الأصل هو خبير فى شؤون الشرق الأوسط، لكن هناك الكثير من الدبلوماسيين الأمريكيين الذين يملكون خبرة واسعة فى إفريقيا أيضًا.
وتوقع ناجى ألا تتغير السياسة الأمريكية تجاه أزمة سد النهضة باختيار مبعوث أمريكى جديد لمنطقة القرن الإفريقى، قائلا: «إن اختيار ساترفيلد لن يحدث أى فرق، ولا تتوقعوا تغييرًا فى سياسة الولايات المتحدة بشأن سد النهضة التى تقضى بتوصل الأطراف إلى حل».
من جانبه، أوضح «كاميرون هدسون» المسؤول السابق فى الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى. آى. إيه»، مدير الشؤون الإفريقية فى مجلس الأمن القومى بالبيت الأبيض خلال الفترة من 2005 حتى 2009، أن اختيار مبعوث جديد للقرن الإفريقى، جاء لضمان عدم وجود فجوة فى اهتمام الإدارة الأمريكية بشؤون القرن الإفريقى، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن السفير ساترفيلد ليس خبيرا فى منطقة القرن الإفريقى، إلا أنه يعرف المنطقة العربية جيدا، المتاخمة للقرن الإفريقى، وهو دبلوماسى كبير لديه خبرة فى المفاوضات المعقدة.
وأشار هدسون، أحد أهم الخبراء فى الشؤون الإفريقية بالعاصمة الأمريكية واشنطن، فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم»، إلى أنه ليس هناك ما يشير إلى تغيير فى السياسة الأمريكية تجاه منطقة القرن الإفريقى الغارقة فى الأزمات، وأضاف أن ذلك يشكل التغيير الطبيعى للأفراد، وفرصة لإعادة النظر فى السياسة بشكل عام، لكن لا يوجد يقين من ذلك، مضيفا أنه، فى النهاية الأمر، لا يتعلق الوضع بشخص ما، والسفير فيلتمان فعل كل ما فى وسعه خلال الفترة الماضية، لكن لايزال من الواضح أن الإدارة الأمريكية لم تضع استراتيجية شاملة تجاه القرن الإفريقى بشكل كامل.
وحول مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، نبه هدسون إلى أن الولايات المتحدة تريد فى النهاية حلاً يلبى احتياجات الأمن المائى لمصر، واحتياجات التنمية للدولة الإثيوبية، والاحتياجات البيئية والتنظيمية للسودانيين، مشيرا إلى أن واشنطن تريد حلا يلبى الاحتياجات الأساسية للجميع، سواء كان هذا فى ظل المبعوث الأمريكى السابق للقرن الإفريقى السفير فيلتمان، أو المبعوث الجديد السفير ساترفيلد وقال: «ومع ذلك، يمكن لمبعوث جديد أن يأتى باستراتيجية دبلوماسية جديدة لكن الأهداف الأمريكية لن تتغير».