استحوذت الساحرة المستديرة على عقول وقلوب الملايين حول العالم، ولقد افتتن بها كثيرون إلى حد الهوس، فصار هناك ما يسمى «جنون الكرة». ربما تذهب كرة القدم بلب عشاقها على سبيل المجاز، ولكن الواقع العلمى يحذر من تحقق ذلك حرفيا، حيث تتسبب فى عواقب وخيمة تؤثر سلبا على المخ والذاكرة جراء لعب الكرة من خلال تمريرها فى الملعب أو تصويبها نحو المرمى عن طريق الرأس. وهو ما دعا عددا من العلماء إلى المطالبة بضرورة إرفاق تحذيرات ومحاذير طبية عند بيع الكرة على غرار ما تفعله الجهات الصحية المسؤولة حول العالم عند بيع السجائر. ونبهوا إلى أن سنوات من لعب كرة القدم باستعمال الرأس يمكن أن تسفر عن الإصابة بتلف فى المخ، ما يؤدى إلى مرض الكساح فى وقت لاحق من حياة اللاعب، مشددين على ضرورة استبعاد «اللعب بالرأس»، حسب تقرير لصحيفة «صن» البريطانية أمس. وفى هذا السياق، أكد البروفيسور ويلى ستيوارت، من جامعة جلاسجو، إن ثلاثة أرباع اللاعبين السابقين المحترفين أظهروا أعراضا تدل على الإصابة بدرجة ما بتلف المخ، وفقا لما أثبته فى دراسته التى نشرها فى مجلة «جاما» المتخصصة فى الأمراض العصبية. وقال ستيوارت: «أعتقد أننا فى موقف يستلزم التفكير بشأن اتخاذ إجراءات مثل كتابة التحذيرات الصحية على الكرة»، مضيفا: «إذا قلنا مرارا وتكرارا إن ضرب الكرة بالرأس أثناء اللعب يتسبب فى الإصابة بتلف المخ ومن ثم الخرف، فإن ذلك سوف يساعد فى لفت انتباه الناس». وشملت دراسة جامعة جلاسجو 8 آلاف لاعب كرة قدم أسكتلندى سابق، وتوصلت إلى أن اللاعبين فى الدفاع كانوا أكثر إصابة بمعدل خمسة أضعاف المعدل العادى بتدهور وظائف المخ، مثل مرض الزهايمر، أحد أشكال الخرف «الأكثر شيوعًا». ولفتت الدراسة إلى أن اللاعبين الذين احترفوا كرة القدم لمدة 15عاما أو أكثر واعتادوا استعمال الرأس فى تمرير وتصويب الكرة كانوا أكثر عرضة للإصابة، فى حين أن من كان مشوارهم الكروى أقصر من هذه الفترة واجهوا مخاطر أقل. ويتعرض جميع اللاعبين للإصابة بمعدل لا يقل عن ثلاثة أضعاف، باستثناء حراس المرمى الذين تكون إصابتهم كالشخص العادى. وأيدت نتائج الدراسة ما توصل إليه البروفيسور ستيوارت وزملاؤه استنادا إلى بيانات لاعبى كرة القدم الذين ولدوا فى الفترة ما بين 1900 و1976، حيث تبين أن الضربات الصغيرة التى تتوالى على الرأس يمكن أن تتسبب فى تلف الأعصاب وما يعقبه من مشاكل خطيرة بعد عشرات السنين، كما تبين أن المشكلة ذاتها ظلت قائمة بين لاعبى الملاكمة وكرة القدم الأمريكية. بينما أكد الخبراء أن لاعبى الرياضات أكثر تعرضًا لخطورة الإصابة بتلف المخ وتدهور وظائفه، مما يعتبر سببًا رئيسيًا للوفاة فى إنجلترا ويلز.
