تواصلت عملية فرز الأصوات فى الانتخابات التشريعية الجزائرية، التى جرت أمس الأول، لانتخاب أعضاء البرلمان فى أول انتخابات تشريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشعبية فى 22 فبراير 2019، التى أدت إلى إسقاط العهدة الخامسة للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وشهدت عملية التصويت هدوءًا نسبيًا، رغم وقوع أعمال شغب فى منطقة القبائل، وتم الإفراج عن 3 شخصيات بارزة فى الحراك بعد أن كانت السلطات أوقفتهم لرفضهم إجراء الانتخابات، وفى ولاية تيزى أوزو تم إغلاق 136 مركز اقتراع و229 مكتبًا بسبب حوادث، بينها تخريب صناديق. وقال رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفى، فى تصريحات، أمس، إن نسبة المشاركة بلغت 30.20% وهى الأقل منذ 20 عامًا، وأضاف أن «نسبة المشاركة فى الخارج ضعيفة ولا تتعدى 5%»، وأوضح أنه سيدلى لاحقاً بتصريح صحفى لإعلان النتائج الأولية قبل إعلان النتائج الرسمية من قبل المجلس الدستورى فى غضون 10 أيام. ومقارنة بالأعوام السابقة، كانت نسبة المشاركة فى الانتخابات التشريعية هى الأدنى، ففى عام 2017 بلغت نسبة المشاركة 35.70%، وفى عام 2012 تم تسجيل نسبة مشاركة قُدرت ب42.90%، وكانت السلطات الجزائرية تأمل أن تبلغ نسبة المشاركة 50%، ومع ذلك تبدو السلطة مصممة على تطبيق «خارطة الطريق» الانتخابية التى وضعتها، متجاهلة مطالب الشارع، وبخاصة تطبيق دولة القانون، وتحقيق الانتقال الديمقراطى والقضاء المستقل ومواجهة الفساد، وكان الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون، أعلن أن نسبة المساركة «لا تهم»، وأضاف: «ما يهمنى أن من يصوت عليهم الشعب لديهم الشرعية الكافية لأخذ زمام السلطة التشريعية». وتابع: «رغم ذلك، أنا متفائل من خلال ما شاهدته فى التليفزيون الوطنى أن هناك إقبالاً، خصوصًا لدى الشباب والنساء، أنا متفائل خيرًا». ويحق لنحو 24 مليون ناخب جزائرى التصويت لاختيار 407 نواب جدد فى مجلس الشعب الوطنى، لمدة 5 سنوات، وترشح أكثر من 22 ألف شخص للانتخابات وتوزعوا على 2288 قائمة، أكثر من نصفها قوائم مستقلة، وهى أول مرة يتقدم فيها هذا العدد الكبير من المستقلين ضد مرشحين تؤيدهم الأحزاب السياسية التى فقدت شعبيتها إلى حد كبير وتعرضت لاتهامات بأنها المسؤولة عن الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تمر بها الجزائر مند حوالى 30 شهرًا. وخاضت الأحزاب الإسلامية المرخص لها، الانتخابات وأعلنت أنها اشتركت فيها من أجل «المساهمة فى القطيعة والتغيير المنشود». وأفرجت السلطات عن 3 شخصيات بارزة فى الحراك، وهم: كريم طابو، وإحسان القاضى، الذى يدير موقع «مغرب إيمارجون»، و«راديو إم» الموالى للحراك الشعبى، والصحفى خالد درارنى، وقبل الانتخابات منعت السلطات كل المسيرات وكثفت الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد المعارضين السياسيين والناشطين فى الحراك والصحفيين المستقلين والمحامين، وتقول الحكومة إنها استجابت للمطالب الرئيسية ل«الحراك الأصيل» فى «وقت قياسى»، ولم تعد هناك أى شرعية لناشطى الحراك السلمى، متهمة إياهم بأنهم فى خدمة «أطراف أجنبية» معادية للجزائر. وجرت الانتخابات فى ظل مقاطعة كل من حزب «العمال اليسارى المعارض»، وحزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلمانى المعارض، وحزب «جبهة القوى الاشتراكية» اليسارى، كما دعا نشطاء بالحراك الشعبى إلى مقاطعتها. وتم اعتماد نظام القائمة المفتوحة فى الانتخابات الجزائرية لأول مرة، وهو ما يسمح للناخب بترتيب المترشحين داخل القائمة الواحدة حسب رغبته، بخلاف نظام القائمة المغلقة التى تفرض عليه اختيار القائمة كما هى، وفق ترتيب الحزب دون إمكانية التصرف فيها. وتقدم للسباق فى هذه الانتخابات، التى أطلق عليها رسميًا وصف «فجر التغيير»، أكثر من 22 ألف مترشح ضمن 1208 قوائم للمستقلين و1080 قائمة حزبية تمثل 28 حزبًا. وتتوزع هذه القوائم عبر 58 ولاية، وتعد الولاية فى الجزائر بمثابة دائرة انتخابية واحدة يتم فيها التنافس على عدد مقاعد يحدده القانون بمقعد واحد عن كل 120 ألف ساكن.