الكاتبات المبدعات والثورة فى جنوب أفريقيا

أشرقت الشمس فى جوهانسبرج صباح 19 نوفمبر 2011، ينعقد المؤتمر الأدبى الأفريقى للكاتبات، أتعرف على كثير من الوجوه التى قابلتها فى المؤتمرات الأفريقية الأدبية خلال الأربعين عاماً الماضية من جنوب أفريقيا إلى شمالها وشرقها وغربها، أكبرنا سنا هى نادين جوردمار وقد بلغت الثامنة والثمانين من العمر، قدمت روايات مبدعة عن الحكم العنصرى.
نلسون مانديلا اعتزل العمل ويعيش بعيدا عن السياسة مع زوجته الأخيرة.
الشباب يلتفون حول «وينى» زوجته السابقة، فهى تتبنى قضاياهم فى حزب المؤتمر الحاكم الآن، تتمتع «وينى» بسمعة وطنية جيدة بسبب نضالها الدائم ضد الحكم العنصرى، رغم طلاقها من نلسون مانديلا، بل بسبب الطلاق تحررت من ظل زوجها الحاجب لها.
تحررت جنوب أفريقيا سياسيا لكنها لم تتحرر اقتصاديا، لا تزال الثروة والأرض بيد السكان البيض الذين حصلوا على هذه الأراضى والأملاك الكبيرة خلال الحكم العنصرى ومازالوا يحتفظون بها، الفروق الطبقية بين البيض والسود كبيرة، والفساد ينتشر بين أصحاب السلطة.
يريد الشباب تأميم مناجم الذهب والماس وتأميم البنوك والشركات لكن الحكومة تخشى رد فعل القوى الاستعمارية واليمين داخل البلد.
يريد الشباب عدالة توزيع الأراضى والثروة وإن اعترض أصحاب الأرض البيض فيجب على الحكومة الاستيلاء على الأراضى بالقوة، لكن الحكومة تخشى رد الفعل.
المعركة دائرة اليوم داخل الحزب الحاكم، ويتنبأ الشباب والشابات من الكاتبات بانفجار الثورة قبل الانتخابات القادمة إن لم تقدم الحكومة على إجراءات أكثر ثورية وتعالج الفساد داخلها وخارجها.
دار الحوار فى مؤتمر الكاتبات ثريا خصبا بسبب ثورية الشابات الكاتبات وانضمامهن إلى زملائهن الشباب.
قالت نادين جوردمار إن المشكلة الرئيسية فى جنوب أفريقيا الآن هى الفساد، وقالت إنه ليس عندهم مشكلة التيارات الدينية الأصولية كما هى فى بلادنا، لكن كاتبة شابة قامت وعارضت نادين جوردمار قائلة إن عندهم مشكلة التيارات المسيحية السياسية المتصاعدة المتعاونة مع اليمين وبعض فلول الحكم العنصرى من البيض والسود، المشكلة ليست لون البشرة ولكن المشكلة فى الفكر العنصرى الرأسمالى الاستعمارى، وقالت لا بد من فصل الدين عن الدولة، ورفع المستوى الأخلاقى، بسن قانون جديد للأسرة يفرض على الرجل زوجة واحدة كما يفرض على المرأة زوجا واحدا، الرجل فى جنوب أفريقيا يستطيع الجمع بين أربع زوجات فى ظل القانون الحالى، وكثير من الأطفال يشردون بسبب ذلك بالإضافة للقهر والمهانة التى تعيشها النساء.
فى كلمتى يوم افتتاح المؤتمر تحدثت عن علاقة الإبداع بالتمرد والثورة، وأن الأدب الصادق لا ينفصل عن السياسة الصادقة، والعلم الصادق لا ينفصل عن الفن الصادق، فالإبداع الحقيقى هو القدرة على الربط بين المجالات جميعا، وأيضا ربط العام بالخاص، وأننا فى حاجة إلى ثورة فى التعليم.
عنوان المؤتمر الأدبى: ارفعى صوتك تكلمى، لا تتخلى عن أحلامك، اقرئى، استعيدى وجودك فى العالم ككاتبة وامرأة أفريقية.
مرافقى شاب روائى حدثنى عن روايته الأولى التى نشرت منذ أيام قليلة، قال لى إنه مناضل ثورى داخل حزب المؤتمر منذ عدة سنين، وقد رأى أن الرواية الأدبية قد تكشف الفساد السياسى والأخلاقى والاجتماعى أكثر من الدراسات والخطب والمقالات، واتفقت معه معظم الروائيات الشابات من البلاد الأفريقية المختلفة، وقلت لهم إن الخيال يكشف الحقيقة إن كان الخيال صادقا، لكن نظام التربية والتعليم يدرب الأطفال على الخوف والكذب حتى فى الخيال.
اختتمت كاتبة شابة المؤتمر الأدبى فى جوهانسبرج قائلة، نعم الثورات تشتعل فى كل بلد ونحن هنا فى جنوب أفريقيا سوف نقوم بثورتنا الثانية قبل الانتخابات المقبلة.