كان منزل الزعيم عبدالناصر في منشية البكرى لاتحيط به أي مظاهر أبهة، وكان نموذجا للزعيم القدوة المتجرد، وعندما يسافر ناصر في الأعمال الحكومية فإنه يركب إحدى السيارتين الكاديلاك السوداوين الحكوميتين الموضوعتين تحت تصرفه وهو لا يستعملهما في الرحلات الشخصية، وكانت سيارته الأوستن السوداء قد أصابها العطب بعد الثورة بعامين فاشترى سيارة فورد فستقية اللون،كما كان ناصرلا يلين في إصراره على أن يكون كبار موظفى الحكومة أمناء وذوى ضمائر حية، ويجب أن تكون حساباتهم في البنوك مفتوحة للتفتيش، ويجب أن يتجنبوا التعرض للشك من اشتراكهم في أي نوع من الفساد وكثيراً ما أعفى كبار الموظفين من مناصبهم بعدما خرقوا هذه القواعد. كما الزعيم جمال عبدالناصر نموذجا للزعامة ورمزا ثوريا في منطقة الشرق الأوسط ودول إفريقيا والعالم الثالث ودعم الكثير من الثوار والثورات في العالم العربي واليوم يكون قد مر نصف قرن على رحيله فقد توفي «زى النهارده»فى 28 سبتمبر 1970عن 52 عاما،بعد 16 عاماً من الحكم. بعدما غيّر خريطة المنطقة العربية وموازين القوى فيهاورد الاعتبار والكرامة للمواطن المصرى في مصروخارجها ودعم حركات التحرر في العالم الثالث ،وكان عمره 34 عاما حينما أطاح بالاحتلال البريطانى لمصر،ووقف موقف الند للند مع الغرب، ورغم أنه رحل عن دنيانا منذ نصف قرن فإن حضوره القوى مازال يتجدد ويفرض نفسه إلى الآن وكانت هناك ثلاثة أعمال فنية عنه، كان آبرزها مسلسل «ناصر» تأليف يسرى الجندى.وفيلم ناصر 56 تأبيف محفوظ عبدالرحمن وتقول سيرة الزعيم جمال عبدالناصر أنه ولد بمنزل والده بحى باكوس بالإسكندرية وفى 15 يناير 1918مما يعنى أنه كان يبلغ من العمر34 عاما حين قاد ثورة يوليو وهذا كان متوسط أعمار رفاقه في تلك الفترة وكان والده من قرية بنى مر بأسيوط، وكان يعمل وكيلالمكتب بريدباكوس وبحكم عمل الوالدوفى 1921تكررت تنقلات الأسرة،فتنقل عبدالناصر في تعليمه الابتدائى بين روضة الأطفال بمحرم بك والمدرسة الابتدائية بالخطاطبة ومدرسة النحاسين بالقاهرة ومدرسة العطارين بالإسكندرية،كما تنقل في تعليمه الثانوى بين مدرسة حلوان الثانوية ومدرسة رأس التين بالإسكندرية ومدرسة النهضة بالظاهر في 1933وفى 13نوفمبر 1935 كان في مظاهرة طلابية وأصيب بجرح في جبينه،وأسرع به زملاؤه إلى دارجريدة الجهادالتى كان يصدرها توفيق دياب؛ حيث وقع الحادث بجوارها، ونشر اسمه في الصفحة الأولى ضمن مصابى المظاهرة وفى 1937 تقدم للكلية الحربيةولم يُقبل فالتحق بالحقوق بجامعةالملك فؤاد«القاهرة»وتركها ليتقدم مجدداللكلية الحربية بعد إعلانها قبول دفعة استثنائية وقُبل وتخرج في 1938،والتحق بسلاح المشاة ونقل إلى منقباد، والتقى زكريا محيى الدين والسادات. وفى 1939 خدم في الخرطوم وجبل الأولياء، وقابل زكريا محيى الدين وعبدالحكيم عامر،وفى 1941 نقل إلى كتيبة بريطانية تعسكر بالقرب من العلمين. أثناء تقدم رومل، وفى فبراير 1943 عين مدرساً بالكلية الحربية، ثم سافر للمشاركة في حرب فلسطين، وجرح ونال نيشان النجمة العسكرية، وبعد رجوعه إلى القاهرةأدرك أن المعركةالحقيقية في مصر،حيث الإطاحة بالملك فاروق، والنظام الحاكم وبعد 1949أسس تنظيم الضباط الأحرار وتألفت لجنة تنفيذية بقيادة جمال عبدالناصر،وهى اللجنةالتى أصبحت مجلس الثورة،وكانت النية متجهة للقيام بالثورة في 1955،لكن الحوادث المتلاحقة بكرت بقيامها في 1952خاصة بعد حدوث حريق القاهرة في 26 يناير 1952واندلاع المظاهرات في القاهرة،احتجاجاً على مذبحةرجال البوليس بالإسماعيلية،ثم أزمة انتخابات نادى ضباط الجيش. حيث نجح محمد نجيب مرشح الأحرار، وخسر حسين سرى عامر، مرشح الملك، فألغى الملك الانتخابات فقررعبدالناصر تقديم موعد الثورة إلى 23 يوليو 1952، ونجحت الثورة وقدم محمد نجيب كقائد للثورة،وفى 18يونيو 1953 صدر قرارمن مجلس قيادةالثورة بإلغاءالملكية وإعلان الجمهورية،وإسناد رئاسة الجمهورية إلى محمد نجيب، إلى جانب رئاسته الوزارة، أما عبدالناصرفقد تولى منصب نائب رئيس الوزراءووزير الداخليةثم ترك منصب وزير الداخلية وفى فبراير 1954 استقال نجيب بعد خلافات بينه وبين أعضاء مجلس قيادة الثورة، وعين جمال عبدالناصر رئيسا لمجلس قيادة الثورةورئيساً لمجلس الوزراءوتكررالخلاف بين ناصر ونجيب، وانتهى بتنحية نجيب وجاء ناصر رئيسا وبعد نكسة 1967أعلن تنحيه وطالبته الجماهير بالبقاء وخاض حرب استنزاف ضارية، ومما حققه أنه قام بتأميم قناة السويس وأنشأ السد العالى وأسس منظمة عدم الانحياز وأصدر قوانين الإصلاح الزراعى، ونهض بالصناعة والتعليم والإسكان ودعم ثورات التحرر بالوطن العربى وإفريقيا ومما يذكر أن ناصر قد ثار بسبب مقال نشرته إحدى المجلات الأمريكية قالت فيه إن هذا الأثاث المذهَّب مأخوذمن قصور فاروق في حين أن هذا غير صحيح، وفى الوقت الذي يحق له فيه الإقامة في أحد القصور الملكية كرئيس دولة.. لكنه دفع ثمن الصالون الذي يملكه ويستقبل عليه ضيوفه من جيبه ومن ملامح نزاهته الأخري أنه كان يعارض بشدة محاباة كبار موظفى الدولة لأقربائه، وكان يصر على إنزال العقوبة بأى شخص مسؤول يفعل ذلك ظناً منه أنه يرضى ناصر، وحدث ذات مرة أنه تحدث هاتفياً مع صاحب إحدى الصحف اليومية وسأله: «ألا ترى الصفحة الخيرة؟»، فأجابه بنفسه: هل تقصد سيادتك صورة والدك؟ فأجاب ناصر في إصرار: «أنا لا أحب أن تنشر أخبارأبى بين الناس وأريده هو وإخوتى مثل الناس العاديين،ولا أريد أن يفسدهم منصبى». ويذكرأنه أمربإلقاء القبض على خاله بسبب مجاملته امرأة فرنسيةبالقاهرة كانت في ورطة وتوسط لها خاله، رغم أنها خالفت القواعد