حملة في بريطانيا لإنقاذ جدارية «صلب المسيح»

كنيسة كاثولويكية مبنية من الطوب في حقبة الخمسينيات تئن من الإهمال وراء سياج معدني، في إحدى المناطق الأكثر «حرمانا» في المملكة المتحدة.
الكنيسة تضم كنزا فنيا، في هذا المكان الذي لا يتوقعه أحد على الإطلاق، والذي يتمثل في جدارية نادرة رسمها أحد كبار فناني القرن العشرين، على جدار كامل داخل كنيسة «المسبحة المقدسة» في أولدهام، تواجه خطر الضياع إلى الأبد، حسبما أكدت صحيفة أوبزرفر البريطانية اليوم.
وجرى تنظيم حملة جديدة لإنقاذ اللوحة التي تحمل اسم «صلب المسيح» التي رسمها الفنان جورج ماير مارتون الذي هرب من النمسا إلى بريطانيا في 1938، حيث الحملة طالبت بضرورة تسجيل هذا العمل الفني وسط مخاف من هدم مبنى الكنيسىة أو إعادة تطويره.
وكتبت الحملة التي انطلقت تحت اسم «انقذوا التراث البريطاني» لهيئة «إنجلترا التاريخية» وهي الهيئة التي تعترف بالمباني والمواقع التاريخية وتعمل على حمايته نيابة عن الحكومة، تحثها بضرورة اتخاذ تحرك سريع لإنقاذ الجدارية، متوقعة ان يتم اتخاذ قرار قبل نهاية العام.
وأصر المشاركون في الحملة على ضرورة أن تبقى لوحة للفنان المجري اليهودي في مكانها.
وباشرت الكنيسة الكاثوليكية في عام 1955 رسم لوحة «صلب المسيح»، والتي تعد إحدى اللوحتين الجداريتين اللتين رسمهما الفنان ماير مارتون والتي ظلت باقية حتى اليوم في موقعها، حيث يبلغ طولها نحو 8 أمتار وتشكل مزيجا نادرا من الفسيفساء والجص.
وتضم اللوحة المرسومة على الحجر والخشب المطعم بالزجاج المسيح وهو على الصليب بينما رسمت مريم العذراء والقديس يوحنا بالجص على الجانبين والتي تم تغطيتها في الوقت الراهن.
ووصف برايث وايت، الخبير في عمل «جده» الفنان اليهودي «ماير» هذه اللوحة بأنه طاغية في تأثيرها بسبب حجمها والأحساس بالسمو المرتبط بها.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن هناك جهد ما قام به أحد القساوسة المحليين في الثمانينات لطلاء جدارن الكنيسة من الداخل، ومن ثم اضطلع بدهان «الجص» وتم التكتم على ما حدث.
ويذكر أن ماير مارتون، هو يهودي مجري، يعتبرأحد الشخصيات البارزة في عالم الفن في فينا ما بين الحربيين، ولكن في عام 1938، وعقب ضم النمسا على يد ألمانيا النازية، توقع ما سيحدث، فحصل على تأشيرة للمملكة المتحدة، وبعد رحيله، أصدرت السلطات النازية قرارا يقضي بشطبه من الغرفة الوطنية للفنون الجميلة، حيث أشارت التحقيقات إلى أنه لم يكن لديه الالتزام والاعتمادية لتعزيز الثقافة الألمانية .
وتعرض مرسمه للتدمير في الحرب الخاطفة الت شنها الألمان، وبعد الحرب قام يالتدريس في كلية الفنون بليفربول، ليؤسس قسم الرسوم الجدارية ويحصل على تكليفات لرسم الجدرايات في الكنائس الكاثوليكية والمدارس، من بينها لوحة عيد العنصرة أو «الخمسين» والمعروضة حاليا في كاتدرائية ليفربول.
وقال برايث وايت إن الأبرشية الكاثوليكية بسالوفرد، أغلقت كنيسة «المسبحة المقدسة» وما يزد على عشرين كنيسة أخرى كجزء من إعادة هيكلتها، «مما أصابني بصدمة عارمة، وقدمنا التماسات للأبرشية بألا تغلق الكنيسية وأن تضمن عدم تدمير الجدارية ولكن ليس هناك ضمانات»، مؤكدا أن المبني يستخدم في الوقت الراهن كمخزن والماء الذي يتسرب فيه قد يدمر الجدارية، ودائما ما يلوح هناك تهدد بتخريبها .
لكن أبرشية سالفورد أصدرت بيانا قالت فيه إنه منذ إغلاق كنيسة المسبحة المقدسة في 2017، كانت حماية العمل الفني النادر لجورج ماير مارون ينطوى على أهمية كبرى لنا، فقد اتخذنا تحركا لتحسين أمن المبنى لضمان سلامة العمل الفني وتعاوننا مع الأطراف التي أظهرت اهتماما بها .