أهلاً ب«الشيوخ»

أقولها مُخلصًا لكل مصرى غيور على وطنه، حريص على المصلحة الوطنية، يدرك على وجه اليقين أن الوطن أبقى من الجميع. أصبح لدينا مجلس للشيوخ، يُكمل الدائرة البرلمانية، إلى جانب مجلس النواب، فماذا نحن فاعلون معه وبه حتى يعيش بيننا آمناً فلا نستحسن غيابه مرة أخرى؟.
الكل مُطالب بالإسهام فى إنجاح مجلس الشيوخ الجديد، ليجنى الوطن، ولا أحد غيره، ثمار هذا النجاح، سموًا بالممارسة الديمقراطية بكل معانيها، وجودة للتشريعات، وحركة إيجابية لكل مكونات حياتنا السياسية، وفى القلب منه الحياة الحزبية.
أبدأ بالرئيس السيسى، باعتباره رأس السلطة، وقائد الأمة، فأرجوه أن يُسهم فى إعلاء شأن مجلس الشيوخ لدى الرأى العام، مُستعيناً فى ذلك بشعبيته الجارفة، وتأثيره البالغ فى الرأى العام، ومن ثم أتمنى أن يفتتح الرئيس السيسى أول جلسة لمجلس الشيوخ، لافتاً إلى أهميته وضخامة المسؤوليات المنوطة به، على أن يحضر كذلك وفد رفيع من مجلس النواب، يعبر عن روح المُشاركة والتعاون فيما بين المجلسين، وصولاً إلى تجسيد جوهر ومضمون دور السلطة التشريعية فى عملية بناء الدولة الحديثة المرجوّة.
يستتبع ذلك أن تُولى مؤسسة الرئاسة، بما تضمه من خبرات وطنية ثرية، أهمية كبيرة لمجلس الشيوخ فى إطار ما تنفذه من دبلوماسية رئاسية متميزة، فتحيل إلى «الشيوخ» ملفات بعينها تحظى بكثير من اهتمام الرأى العام، ليقترب أداء المجلس من القضايا الأساسية للوطن والمواطن، فيعلو منسوب تواجده فى الشارع بين المواطنين، وبالتالى تتغير الصورة النمطية الرتيبة التى رسخها أداء «مجلس الشورى» السابق، وأدت إلى استبعاده من حياتنا السياسية.
بالنسبة لمجلس النواب، لا أتصور إلا أن تعاوناً صادقاً ينبغى أن يجمعه «بالشيوخ»، تحقيقاً للمصلحة الوطنية، التى تتسع بالفعل كثيراً عن كل انتماء سياسى، أو منافسة لا ترتكز على صحيح المسؤولية الوطنية، ومن ثم لابد أن تتكثف خطى «النواب» فى الوظيفة الرقابية، وتُسرع فى الوظيفة التشريعية، مع ضمان جدية الأولى، وجودة الثانية.
فيما يتعلق بالشعب، فكل ما أرجوه متابعة أداء «الشيوخ»، بموضوعية ودقة، ولا يجعل من أعضائه «الشيوخ» سبيلاً لتخليص المصالح والخدمات، فيطعن فى قدرة المجلس على الوفاء بمسؤولياته الحقيقية. يسبق ذلك، بطبيعة الحال، أن يدرك الناس حقيقة دور ووظيفة «الشيوخ»، وما لهم من اختصاصات، وما عليهم من مسؤوليات. وهنا تبرز مسؤولية الإعلام الوطنى المسؤول فى تنوير المجتمع، ورصد أداء المجلس، دون اقتناص للسلبيات، أو مُحاباة تُخفى مسالب، أو تضيف محاسن زائفة.
يبقى أن أوجه حديثى «للشيوخ» ذاتهم، فأقول إن المسؤولية لا شك عظيمة، والأمر يخلو تماماً من الوجاهة والتشريف، انحيازاً للجهد والتكليف. ومن الحكمة الإقرار بأن الحياة الخاصة لكل من يتقدم للعمل العام ليست ملكاً خالصاً له، فحياتك الخاصة يا «شيخ» للناس فيها نصيب كبير، وللوطن حق فى التأكد من نقائها، كما أن التصريحات ينبغى أن تكون محسوبة بدقة، لا مزايدة فيها، ولا تسوية حسابات تشوبها.
على هذا النحو نقول مبروك!.