بداية أود أن أنوه بأن هناك عالميا ثلاثة فروع تأمين تأثرت بشكل واضح بأزمة فيروس كورونا، وهى التأمين البحرى، تأمين النقل البرى، وتأمينات الطيران. وبالنسبة لقطاع التأمين المصرى فهو كغيره من القطاعات الاقتصادية تأثر نتيجة لتداعيات جائحة كورونا وذلك من عدة محاور سواء فيما يتعلق بأنواع التأمين أو من حيث معدلات تحصيل الأقساط أو فيما يتعلق بعوائد الاستثمار، بل هناك تداعيات متوقعة فيما يتعلق بكل من معدلات ونسب الأرباح وكذا اتفاقيات إعادة التأمين المقبلة. وأشير هنا لبعض تلك التداعيات والتى أعقبت قرار الحكومة بوقف إصدار رخص قيادة وتسيير السيارات من 19 مارس الماضى وحتى 16 إبريل، فقد أدى ذلك إلى توقف التأمين التكميلى على السيارات الجديدة لأن من ضمن إجراءات صرف تعويضات للسيارات أن تتوافر رخصة قيادة، كما أن إصدار وثائق تأمين السفر يكاد يكون قد أصيب بالشلل خلال الفترة الماضية، ومن التداعيات السلبية لانتشار الفيروس على مستوى العالم، وقف حركة الطيران المصرية مؤخرا لفترة غير مسبوقة، ما أدى إلى توقف إصدار وثيقة تأمينات السفر بالشركات خلال هذه الفترة، التى يحتاجها المسافرون إلى الخارج، خاصة المتجهين إلى الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة. معروف أن وثيقة تأمين السفر تغطى المسافرين إلى الخارج ضد مخاطر الوفاة والعجز الكلى والجزئى المستديمين، وكذلك العلاج فى التعرض لوعكة صحية أو مرض أو حادث وتطلب العلاج بالمستشفيات، وكذلك سفر مرافق للمريض إلى المستشفى بالخارج ومرافقته خلال فترة العلاج، وتغطى كذلك نقل الجثمان لداخل البلاد فى حالة حدوث الوفاة، وتشمل تغطيات تأخر الطائرة وفقد الأمتعة والحقائب. ولعل من ضمن فروع التأمين التى شهدت انخفاضا فى الطلب عليها نتيجة للتأثير السلبى لانتشار فيروس كورونا هو التأمين الهندسى على المشروعات الجديدة مثل وثيقة جميع أخطار المقاولين، وكذلك التأمين البحرى على البضائع؛ بسبب ضعف حركة التجارة والتبادل التجارى على مستوى العالم، نظرا لاتخاذ عدد كبير من دول العالم إجراءات احترازية لمواجهة المرض. ولعلى أشير كذلك إلى أن فرض حظرالتجول ومنع الطيران وتقييد ساعات العمل واتخاذ الحَذر فى التفاعلات مع الآخرين، أثرعلى الإصدارات الجديدة خاصة فى التأمين الفردى حيث قل بشدة التفاعل بين العملاء والوكلاء والوسطاء ومندوبى المبيعات. ولا ننسى كذلك أن البنوك وكنتيجة للإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الحكومة قد قللت ساعات العمل وعدد العملاء فى الفروع فى الوقت الواحد ما أثرعلى عدد مقابلات المبيعات فى التأمين البنكى، إضافة إلى ذلك عدم استقرار الوضع الاقتصادى وتعثر الكثير من الشركات والأفراد ماديًا ما أدى إلى التحفظ فى الإنفاق، ومن المتوقع أيضًا تأثر إصدارات التأمين الجماعى الجديدة بعض الشىء بالأخص لأسباب مادية للعملاء، ومن ثم من المتوقع أن تتأثر عملية الإنتاج الجديد بشكل ملحوظ. ومن حيث عوائد استثمار أموال الشركات، فإنه ومع الاضطراب فى الأسواق المالية العالمية والمحلية، وقرار البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة يجب مراجعة نسب العائد على الأصول المختلفة من إيداعات بنكية وسندات حكومية وأسهم متداولة ومغلقة واستثمارات أخرى خاصة إذا كانت الشركة سوف تعدل من سياستها الاستثمارية استجابة للأحداث الحالية. ومن جهة أخرى سوف تتأثر على وجه الخصوص منتجات التأمين على الحياة ذات العائد المضمون بشكل سلبى فى حالة انخفاض عائد الاستثمار المحقق ما يشكل عبئا على الشركات لإيجاد طرق لتعويض الفجوة بين العوائد المحققة والعوائد المضمونة. وفى المقابل فإن هناك بعض أنواع التأمين التى زاد حجم الطلب عليها بشكل كبير، سيما فى مجال التأمين الطبى، وفقد الأرباح وتأمين المخاطر الإلكترونية والمسؤوليات المهنية وغيرها التى يتعين على شركات التأمين استثمارها بشكل كبير خلال الفترات القادمة، فضلا ًعن تعظيم دور الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى مجال الوصول للعملاء وتحقيق أكبر قدر من معدلات الاختراق للعملاء غير المشمولين بالتأمين، كما أن هناك بالمقابل انخفاضا متوقعا فى مطالبات بعض أنواع التأمين كتأمين السيارات الناتجة عن الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة فى تلك الفترة. وفى رأيى ينبغى استغلال آليات التحول الرقمى فى تجاوز تلك التداعيات سواء من حيث ابتكار وتطوير منتجات ووثائق التأمين أومن حيث آليات تسويق وتوزيع تلك المنتجات، فضلا عن ضرورة استحداث بعض المنتجات التأمينية التى أظهرت تداعيات جائحة كورونا أهميتها سيما منها ما يتعلق بالمخاطر التى قد تنجم عن زيادة مجالات ومحاور التحول الرقمى (القرصنة الإلكترونية)، وكذا ما يتعلق منها بالجوانب الصحية أو مخاطر المسؤوليات وفقدان الدخل. *نائب رئيس هيئة الرقابة المالية
