حدثتنى وهى غاضبة ومستفزة وحزينة وسألتنى: هل سمعت الأغنية التى يتغنى بها شباب السعودية على الفيس بوك؟ قلت لها إن الكمبيوتر والنت والفيس بوك ليست من مبادئى.. واستفسرت عن غضبها وعن هذه الأغنية فقالت إنها ملحمة من السباب والإهانة والتجريح فى المصريين وبألفاظ غير معقولة ولا أعرف لها تبريراً.. هدّأت من روعها وقلت: إننى سمعت منذ فترة أن حرباً من السباب قد قامت بين شباب البلدين على اختراع الفيس بوك وأن المصريين قاموا بالواجب أيضاً وربما كانت هذه الأغنية من مخلفات الحرب الشبابية.. فقالت: حتى لو كانت قديمة ما الذى أعادها مرة أخرى؟! هى شىء لا يحتمل وآلمنى بشدة أنا وزوجى.. وقد حدثتك لأننى لا أدرى ماذا أفعل تجاه هذا العمل العدائى الحقير؟.. أرسلتها لى على الميل الخاص بابنى.. وسمعناها سوياً.. أصيب ابنى بالغضب الشديد بالرغم من أنه سمعها من قبل أيام التراشق الذى حدث وذاع صيته وقال إنه لم يتحمل أن يسمعها من قبل ولا يتحمل أن يكملها الآن.. فسألته: لماذا؟ فقال: أنا أعلم أنهم مجرد شوية عيال فاضيين وما أسهل السباب والشتائم فهى متاحة لأى صعلوك وليست جدعنة ولا شطارة ولا تفوقاً وما قيمة أن تجمعى كل الألفاظ الموبوءة وتلقيها على رؤوس كل المصريين؟! فقلت: ها أنت قد أجبت بنفسك لأن هذه الوصلة من الردح المقفى وغير المقفى والسباب المنتقى بعناية لن تقلل من المصريين فى شىء ولن تعلى من قيمة قائلها فى شىء.. فقال: أنا أعلم هذا الكلام تماماً ولكن يؤلمنى أن أسمع كل هذا الكم من السباب الموجه للشعب المصرى ومن شباب عربى.. يا أمى نحن لم نسمع جملة من هذا السباب من شباب يهودى أليست هذه مصيبة؟! سألته: وبماذا تفسر هذا السلوك؟ قال: ربما تعرض بعض من الشباب لموقف سخيف فى مصر.. تشاجروا مع بعض الشباب مثلاً.. أو فى الغالب هذا السيل من السباب وطريقة الإلقاء بكل هذا الغيظ والحماس والانفعال يدل على وجود عقد نقص كثيرة وليست عقدة واحدة.. حاولت أن أسمعها مرة أخرى فرفض بشدة أن أسمعها أنا أيضاً. أخذت أفكر أنا فى هذا الموضوع لماذا يحدث هذا؟! هل نعود إلى التفسير المعتاد.. عقد النقص عند العرب وعقد التفوق عند المصريين ولكن لماذا الآن بكل هذا السخف؟! ولماذا كل هذا المجهود فى التأليف والتلحين والغناء والتسجيل لإخراج أغنية تحمل كل هذه الأحاسيس البغيضة الكارهة كره التحريم؟! أظن أن سياسات الحكومات على ما يرام وأظن أن الإعلام والصحافة فى البلدين لا يشنان حروباً كلامية لماذا إذن تسيدت ثقافة سب الشقيق ومعايرته على طريقة: «يا إبرة مصدية على الكوم مرمية»، «ياللى بتفطروا فول وتتغدوا كشرى وتتعشوا طعمية».. وما لها الطعمية مزعلاهم فى إيه؟! أعزائى الشباب السعودى صانع هذه الأغنية.. نحن جميعاً فى مركب واحد، وهذا الغرب العنصرى ينظر لنا جميعاً نفس النظرة الدونية المتخلفة وكلنا فى نظرهم عرب.. لابد أن نوحد الجهود فى بلادنا بالعلم والمعرفة والتقدم حتى نرى اليوم الذى يضطر فيه الخواجة إلى أن يعترف بأننا كنا.. وعدنا.. متحضرين.
