ثمن العشق.. صحوة «دورا».. عشيقة «بيكاسو»

«ملهمة بيكاسو الساحرة».. إنها دورا مار، الفنانة والمصورة السريالية، التى خلقت لنفسها عالمًا خاصًا وفريدًا جعلها أيقونة إبداع بيكاسو، الذى كانت واحدة من صديقاته المقربات، منذ قابلها لأول مرة مع الكاتب الفنى وصديقها جيمس لورد، الذى أوردها فى كتابه «بيكاسو ودورا».
قصص وأحداث كثيرة ترتبط بعلاقة بيكاسو وعشيقته دورا التى أصبحت رسامة وشاعرة لكنها لم تنل حظّها من الاهتمام، لكن تغيرت الأمور كثيرًا عندما اُفتتح معرض كبير لفن دورا، فى جاليرى «تيت مودرن» البريطانى، الذى يعد واحدا من أهم المعارض الوطنية البريطانية للفن الحديث العالمى، والذى ضم أعمالها بأثر رجعى حتى الآن، بالرغم من وفاتها عام 1997.
منسقة المعرض إيما لويس، تقول: «هناك رغبة شديدة للتعرف على الفنانات اللواتى نسيهم التاريخ، وقد حان الوقت لمعرفة دورا مار كفنانة رائعة وهى كذلك بالفعل فهذه الفنانة بشعرها الداكن، وملامحها الهادئة، وعينيها الشفافتين بزرقة باهتة كانت قادرة على أن تتحول إلى الملهمة والمادة الرئيسية فى حياة بيكاسو».
ولدت هنيريت ثيودورا ماركوفيتس، التى تستعمل اسمًا مستعارًا وهو «دورا مار»، عام 1907 وقضت حياتها بين الأرجنتين وفرنسا ودرست بباريس قبل الانتقال للتصوير التجارى والأزياء.
وأظهرت أعمال دورا المبكرة بمجال الإعلانات، علامات من السريالية المبكرة والدقيقة، حيث دفعتها قناعتها السياسية نحو توثيق حياة الناس بالتصوير الفوتوغرافى بالشوارع، ثم جاءت أعمالها اللاحقة متماشية مع حركة السرياليين.
ويعرض معرض «تيد مودرن» بكاليفورنيا أعمالها الفنية غير المعروفة فعليا من اللوحات والصور، واعتبارها كمصورة لأول مرة على نطاق واسع، حيث يتوقّف المعرض عند جميع مراحل مسيرتها الفنية، بدءًا بالصور الأولى التى أنجزتها مطلع الثلاثينيات، مرورًا بمشاركتها المهمة فى نشاطات ومعارض الحركة السريالية، وانتهاءً بإعادة اكتشافها فن الرسم، حلم صباها الذى كرّست له كل وقتها خلال السنوات الأخيرة من حياتها.
وعرض فى الكثير من المعارض مجموعات السرياليين المختلفة بالثلاثينيات إلى جانب بعض الفنانين الأكثر شهرة، وسمح «جاليرى تيد مودرن» لتلك الأعمال بالظهور والتنفس.
ويحاول المعرض إسدال الستار حول علاقة مار ببيكاسو والعودة لإنتاجها الفنى الخاص وتركز الغرف الخمس الأولى من المعرض على أعمالها المقامة قبل مقابلة بيكاسو، بحيث ينظر المعرض لعلاقتهما ويتم تقديم تلك العلاقة كشراكة فنية تعاونية ومؤثرة. وفى الواقع تعاون الاثنان فى الكثير من المشاريع من خلال استخدام بعضهم بعضا كمصدر إلهام.
ورسم بيكاسو دورا عدة مرات تحت مسمى «المرأة الباكية» فى حين رسمت دورا بيكاسو، ووثق الأخير على نطاق واسع بابتكاره للعمل الضخم «غيرنيكا» كرد على تفجير مدينة الباسك الفخارية فى واحدة من أكثر اللحظات الكارثية خلال الحرب الأهلية الإسبانية. حيث إن اللوحة رُسمت بتأثير من دورا بعد أن وصفت له تفاصيل المذبحة فى القرية الباسكية بعد أن قامت بتصويرها، وقادته أيضًا إلى اتخاذ كثير من مواقفه السياسية ضد الديكتاتورية.
وتعرف بيكاسو على دورا، فى شتاء 1935، وكانت برفقة الفنان اليوار. وعندما بدأ بيكاسو يتحدث إليها أجابته بالإسبانية ومن هنا بدأت قصة عشق تجسدت فى العديد من لوحاته، والتى تمثل أكثر الفترات تألقا لبيكاسو.
ويعرض بمعرض «تيت مودرن»، إحدى اللوحات المميزة لدورا، وهى لوحة «المحادثة» (1937) التى تدير ظهرها بينما تجلس بجوارها عشيقة بيكاسو الثانية مارى- تيريز والتر تنظر مباشرة للمشاهد، إلى جانب أعمال تجريدية أخرى تعتمد فيها على الحركات وإيماءات الجسد، والتى أنتجتها بغزارة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. ولوحات دورا ستظل موجودة بمعرض تيت مودرن، حتى 15 مارس 2020 ومتحف جيه بول جيتى بكاليفورنيا من 21 إبريل 2020.