كيف يعود زمن «المدفعجية» فى الكرة المصرية؟

نعمت الكرة المصرية، على مدار تاريخها، بعدد لا حصر له من اللاعبين أصحاب التصويبات القوية والدقيقة الذين أمتعوا عشاق المستديرة بقذائف مدوية داخل المستطيل الأخضر انتزعت الآهات وخطفت قلوب أنصار اللعبة.
وكان كل فريق من فرق الدورى المصرى الممتاز يتميز بوجود لاعب «مدفعجي» بخلاف مركزه داخل الملعب، فعلى سبيل المثال وليس الحصر ذاع صيت كل من طاهر أبوزيد ومحمود أبوالدهب ورفعت الفناجيلى وسمير كمونة وياسر رضوان خلال مشوارهم مع الأهلى، كذلك تامر عبدالحميد «دونجا» وبشير التابعى ومدحت عبدالهادى ومحمد عبدالواحد مع الزمالك، كما تألق كثيراً ثنائى الإسماعيلى حمزة الجمل وحسنى عبدربه، وغيرهم من النجوم مع عديد من الأندية مثل معتز إينو، نجم الأهلى والزمالك السابق، ومحمد عاشور الأدهم، نجم المصرى والزمالك.
وعلى مدار السنوات القليلة الماضية اختفى المصوب الماهر صاحب القدم الثقيلة عن الكرة المصرية، والقادر على خطف الأضواء وترجيح كفة فريقه، لتبقى جماهير المستديرة فى مصر تتساءل «أين ذهب زمن المدفعجية».
«المصرى اليوم» تواصل مع عدد من نجوم الكرة المصرية السابقين من أصحاب القدم الثقيلة الذين أبهروا أنصار اللعبة فى المحروسة بصواريخ كروية مازالت عالقة فى الأذهان والقلوب، من أجل معرفة أسباب غياب اللاعب «المدفعجى» فى الدورى المصرى وكيفية حل الأزمة.
فى البداية قال محمود أبوالدهب، نجم الأهلى ومنتخب مصر السابق: «مع كل أسف لاعبو الجيل الحالى ينصرفون سريعاً فور انتهاء التدريبات الجماعية لفريقهم، على عكس جيلنا، فكنت أتدرب بشكل شبه يومى تدريبات خاصة برفقة زميلى أحمد شوبير، حارس الأهلى، على التصويب من مسافات بعيدة، فكنت أستفاد كثيراً وأفيد فريقى». وأضاف أبوالدهب: «عندما تلعب أندية مصر فى بطولات إفريقيا، وكذلك منتخبنا القومى خلال المنافسات القارية نشاهد أهدافا كثيرة تسكن شباكهم من التصويبات بعيدة المدى، فى الوقت الذى لا نفكر أبداً فى إيجاد حل تهديفى من خلال التسديد على المرمى، بينما فى الكثير من بلدان العالم تعتبر الركلات الثابتة على سبيل المثال مثل ركلة الجزاء».
واختتم تصريحاته: «الموهبة نادرة للغاية ومن يتمتع بجزء منها يهمل نفسه ولا يثقلها، لذلك لم نر مدفعجيا فى مصر قرابة أكثر من 10 أعوام».
أما حمزة الجمل، نجم الاسماعيلى وأحد كبار مدفعحية الكرة المصرية فى التسعينيات قال: «أرى أن الأزمة بسبب تغير خريطة كرة القدم بشكل عام، خاصةً فى النواحى التكتيكية».
وأوضح الجمل: «فى السابق كانت المهارات الفردية هى من تحسم الأمور، فمثلاً لاعب مهارى وآخر مصوب ماهر، لكن فى الوقت الحالى الجماعية واللياقة البدنية هى أبرز العوامل الأساسية للعبة فى ظل اختفاء المواهب بشكل عام وليس فى موهبة التصويب فحسب».
سمير كمونة، نجم الأهلى والمقاولون والعديد من الأندية الألمانية، كان له رأى مختلف، حيث قال إن كل جيل يتميز بموهبة خاصة، فتجد على سبيل المثال أجيالا تميزت بمهارة كبيرة على المستوى المراوغة، وأجيالا أخرى تميزت بالسرعة فى الأداء، وأخرى امتازت بارتفاع اللياقة البدنية.
وتابع: «أرى الأمر يتمثل فى الموهبة من عند الله فقط، وليس هناك أحد قادر على تغييرها أو التدخل فيها».
ياسر رضوان، نجم البلدية والأهلى ومنتخب مصر وأحد النجوم الذين صالوا فى البوندزليجا قال: «مدربو الناشئين عليهم دور كبير فى هذا الأمر، فيجب توفير تدريبات خاصة على التصويب منذ النشء».
وأضاف: «مع كل أسف عدد كبير من المدربين لا يوفرون تدريبات خاصة على التصويب من مسافات حتى وإن وجدوا لاعبين يمتلكون موهبة التسديد، كما أن المدرب عليه عامل كبير فى إيجاد طريقة لعب تسنح بمسافة كافية للاعب من أجل التسديد وهو دور الفريق بشكل عام».
وأنهى رضوان تصريحاته: «فى الغالب يكون مدرب الناشئين مبتدئا وغير مُلم بكافة جوانب التدريب وهى أزمة كبيرة تدق أجراس الخطر فى الكرة المصرية».
وعبر معتز إينو، نجم الأهلى والزمالك السابق، عن وجهة نظره فى أزمة غياب المصوبين، خاصةً أنه كان أحد الموهوبين فى هذا الأمر قائلاً: «أحزن بشدة لغياب لاعب قادر على التصويب بدقة من مسافات بعيدة، فأرى مهارة التصويب واحدة من أمتع مهارات اللعبة إن لم تكن الأكثر إمتاعا على الإطلاق».
وأضاف: «جميع الأهداف التى تسجل من مسافات بعيدة تكون عالقة دائماً فى أذهان عشاق اللعبة على مدار الدهر، فى السابق كان كل فريق يمتاز بأكثر من مصوب ماهر، لكن الأمور غير ذلك فى الوقت الحالى».
ولخص إينو الأزمة فى غياب الموهبة بالإضافة إلى عدم تنميتها وصقلها من خلال التدريبات، قائلاً: «الكابتن فاروق جعفر مدربى فى الزمالك فى فريق الشباب كان يهاجمنى بشدة حينما تتاح لى فرصة للتصويب ولا أصوب لأنه كان على دراية كاملة بموهبتى فى التسديد من بعيد، فى الوقت الذى كنت أخشى فيه من التسديد فى كل مرة كونى لاعبا صغير السن ألعب وسط كوكبة من النجوم وقتها».
وأنهى إينو حديثه قائلاً: «على لاعبى الجيل أن يمتازوا بالجرأة ويحصلوا على الثقة من مدربيهم فى ضرورة التصويب مع كل مرة تسنح لهم الفرصة بالتسديد من مسافات».