قطعت «المصرى اليوم» 600 كيلومتر من دمشق حتى وصلت بلدة «كسب» السورية، كما يحلو للسوريين تسميتها، وهى القرية الواقعة ضمن الحدود الإدارية لمحافظة اللاذقية، وتقترب 15 كم من الحدود السورية التركية، حتى وصلنا إلى موطئ قدم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فى أحد قمم الجبال فى بلدة «كسب»، والتى زارها عام 1959 إبّان الوحدة المصرية السورية، حيث كان يطلق على سوريا الإقليم الشمالى من الجمهورية العربية المتحدة. وخلال الرحلة من مدينة اللاذقية الساحلية إلى «كسب» كانت المسافة بين اللاذقية والقرية لا تتجاوز 45 كم، لكن الطريق المؤدى إليها من اللاذقية مخترقا الجبال الشاهقة تسبب فى بطء حركة السيارة التى أقلتنا إلى المنطقة، والتى تعد من أجمل الطرق فى سوريا، مخترقة الغابات والجبال، بالإضافة إلى انتشار الأزهار البرية وأشجار الزيتون والتفاح وزراعات التبغ أو الدخان وأشجار الغار وصولًا إلى غابات«الفرلق» الرائعة. وفى هذا الموقع، أطلق «ناصر» عبارته الشهيرة: هنا جنة الله، فى إشارة إلى تميز المنطقة بالغابات الشجرية المميزة من أشجار الصنوبر وزراعات الكرز السورى، فضلا عن زراعات الحمضيات أو الموالح وخاصة البرتقال واليوسفى ومناحل النحل وإنتاج عسل النحل المتميز، وهو ما يؤكده السوريون بعشقهم للزعيم الراحل جمال عبدالناصر، حيث يتناقلون حديثه عن هذه البلدة كعبارات الترويج السياحى لها، فضلا عن مكانته فى قلوب السوريين، وهو ما أكده أيضا الدكتور رفيق صالح، مدير عام المركز العربى لدراسات المناطق الجافة والأراضى القاحلة «أكساد»، التابع لجامعة الدول العربية بقوله: الشعب السورى يعشق جمال عبدالناصر، لعشقه للقومية العربية وانحيازه للأمة العربية فى توجهاته التى كانت علامة مميزة لدى كل عربى يعشق عروبته، وهو الإرث الذى يواصله السوريون حتى الآن. رغم شهرة «كسب» بصناعة صابون الغار الشهير، قال لى أحد المرافقين السوريين على استحياء بصوت خافت: الجماعات المسلحة كان همها الأكبر تطبيق نظرية الأرض المحروقة، وبعض الحرائق طالت الغابات الشهيرة، ويجرى حاليا إعادة تأهيلها بعد استعادتها من الجماعات الإرهابية.
