عشية يوم 16 مارس 1919 اجتمعت النساء للاتفاق للخروج والمشاركة فى صنع تاريخ الوطن مع اندلاع الثورة فى مارس 1919، وليواجهن المحتل الإنجليزى ويهتفن: الجلاء التام أو الموت الزؤام، ويحيا سعد مع الدستور، ولتفتح المرأة المصرية الباب مرة أخرى للعودة للمشاركة فى الحياة السياسية كما كانت فى التاريخ القديم، وللتتجاوز متاع الحرملك وتخلع نقابه وتقترب من صورها الخالدة على المعابد الفرعونية. ولذلك اعتبر هذا اليوم عيداً للمرأة المصرية فهى لم تشارك فقط بالمظاهرات وقيادتها بل شاركت فى التنظيم السرى للثورة! وسقط منها أول شهيدة، ونعتبر ثورة 1919والتى نحتفل بمئويتها هذه الأيام الباب الملكى الذى فتحته المرأة المصرية بيديها لترفض مقولة «كمالة العدد» فعقب ذلك دخلت الجامعة، وتم إصدار مجلة «روز اليوسف» وسُمّيت باسم صاحبتها ورئيسة تحريرها ثم كانت الرائدة د.درية شفيق أول صحفية وقادت اعتصاماً من 10 سيدات فى نقابة الصحفيين لتطالب بحق المرأة السياسى فى الترشح والانتخاب، وحدث بالفعل فى 1956 ولا ننسى أمينة السعيد التى كانت من الرعيل الذى ساهم فى تأسيس النقابة وانتخبت كأول امرأة بمجلسها عام 1954 لثلاث دورات، ولكن فى نفس التاريخ والتوقيت عشية 16 مارس 2019 أى بعد مائة عام كانت الحفيدات يصوتن فى انتخابات نقابة الصحفيين والتى ترشح لها أيضا 10 سيدات، ولكن كانت النتيجة فى الفوز صفراً كبيراً ولم تفز أى امرأة بمكان واحد أو حتى نصف كرسى فى المجلس الجديد؟ رغم أن عدد النساء الآن فى العضوية بالنقابة يقترب من النصف، أى 45٪، ومثلما لم نجد امرأة واحدة تعين كرئيسة تحرير فى الحركة الأخيرة، اللهم إلا للمجلات النسائية! والأغرب أننا لا نجد امرأة لديها عمود يومى فى أغلب ما يصدر فى صحافتنا، وذلك باعتبارهن ناقصات صحافة وكفاءة! ماذا حدث خلال قرن كامل لأوضاع المرأة بالانتخاب، ولماذا كانت تنتخب سابقاً وترفع على الأعناق؟ بينما الآن لا نتحدث إلا على التعيين والكوتة، كما هو مقترح فى التعديلات الدستورية الأخيرة، فهل المحاصصة والتعيين سيفيد فى المسيرة وتقدمها، ولماذا لم يحدث ذلك سابقا؟ وليس لدينا أيضا رئيسة جامعة واحدة الآن، ومازال بعض الجهات القضائية يتحفظ على تعيين المرأة بالقضاء! فالتعيين موجود منذ عقود فى المناصب العليا فقط، ولكن عند المسؤولية والانتخاب وهو الأساس فهى خارج المشهد ومازالت الهوة بعيدة لترفعها على الأعناق، مثلما حدث لنساء ثورة 1919 قبل 100 عام.