للعام الثالث على التوالى، تواصل «المصرى اليوم» المسار الذى انتهجته فى رصد عدد الشكاوى التى تم نشرها إلى جميع الوزارات والمحافظات، وعدد الردود التى تلقتها من تلك الجهات، فى محاولة منها لتكون صوت كل مواطن أمام أى مشكلة يواجهها. واختلف عام 2018 عن العامين السابقين، إذ بدأ بحكومة الدكتور شريف إسماعيل حتى منتصف شهر يونيو الماضى، وتشكلت بعده حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، تبدل وزراء ومحافظون كُثر، ولاتزال شكوى المواطن تبحث عن حل، انتهى العام ولاتزال شكاوى عديدة تحمل فى طياتها الكثير من الآلام التى لن تنته بعد، ففى عام 2016 نشرت الجريدة 700 شكوى ولم تتلق إلّا 46 ردًا فقط، بنسبة 5.14%، وفى 2017 نشرت 2564 شكوى، ولم تتلق أيضًا سوى 198 ردًا، بنسبة استجابة 7.8%. فى 2018 نشرنا 636 شكوى وتلقينا 175 رداً بنسبة 27٫5٪. رئاسة الوزراء و«الإسكان» الأعلى استجابة للشكاوى كلمة غادة والي أمام «وزراء الشؤون الاجتماعية العرب» في شرم الشيخ - صورة أرشيفية تبدلت المواقع بين الوزارات، سواء فى عدد الشكاوى أو الردود عن العام الماضى، بينما ثبتت بعض الوزارات والمحافظات أيضًا فى موقعها كما هى، حيث بلغت الردود التى وردت من الحكومة، بوزرائها ومحافظيها، 175 ردًا من إجمالى 636 شكوى، بنسبة 27.5% أى أعلى من نسبة الردود عن العامين الماضيين، لكنها رغم ذلك تظل دون المستوى الذى يطمح إليه أصحاب الشكاوى، خاصة فى ظل تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن المواطن دائما نُصب عينيه وفى قائمة أولوياته.. وفيما يلى نوضح عدد الشكاوى التى تم توجيهها إلى كل وزارة، ومحافظة. «عبدالعزيز»: نسبة الردود تمثل مؤشر لجودة الحكم و«مجدى»: التجاهل يجعل المواطن فريسة للتطرف الدكتور إبراهيم مجدى حسين استشارى الطب النفسى بجامعة عين شمس - صورة أرشيفية يرى الدكتور ياسر عبدالعزيز، الخبير الإعلامى، أن باب الشكاوى يعد إحدى آليات الربط بين الجمهور والسلطة، كما أنه يقع فى صلب وظائف الصحافة، فهو القائم على مساءلة الأجهزة التنفيذية والسُلطات كافة، وكلما كان عدد الردود كبيرًا ومنطقيًا، أثبت ذلك أن الصحافة تقوم بدورها، وأن الأجهزة التنفيذية واعية بهذا الدور، خاصة أنه يمثل أحد مؤشرات جودة الحكم، وبالتالى فإن نسبة الردود التى تمثل 27% تقريبًا تعد مؤشرًا منخفضًا، رغم تصاعده عاماً تلو الآخر. وأشاد «عبدالعزيز» باستمرار «المصرى اليوم» فى هذه السياسة، وبالتقدم القابل للقياس الذى حققته فى هذا الشأن، وإن كان هذا التقدم لا يصل إلى النسبة المرجوة التى من المفترض أن تكون 70 أو 75% على الأقل، مشددًا على أنه يجب وضع الجهات التى تتجاهل الرد على شكاوى المواطن فى «القائمة السوداء» لمهملى الرد. أمّا عن اتجاه غالبية المواطنين بشكواهم إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى أو رئيس الوزراء، أوضح أن ذلك يشير إلى عدم ثقة المواطن فى مستويات الإدارة الوسطى والدنيا من جانب، وكذلك يعكس فكرة الجمهور عن المركزية الشديدة للحكم من جانب آخر. ويضيف الدكتور إبراهيم مجدى، استشارى الطب النفسى، أن ضعف نسبة الردود الرسمية على الشكاوى يعود للصورة الذهنية لدى المسؤول، بأنها حالات فردية لا تأثير لها على تقييم أدائه، وأن المواطن دائمًا ناقم ولا يرضيه أى شىء، وبالتالى تتكون لديه قناعة بأنه يعمل ولا يهمه ما يقال عليه، مقترحًا أن يكون المسؤول عن الرد والتعامل مع شكاوى المواطنين جزءا من الكوادر الشبابية التى تدربت فى برنامج الشباب الرئاسى، لأنهم سيكونون الأقدر على التعامل معها. ويستكمل: «الصورة الذهنية لدى أى مسؤول تضع الشكاوى فى خانة الأفعال الفردية، لا تأثير لها على تقييم أدائه، وبالتالى تتكون لديه قناعة بأنه يعمل ولا يهمه ما يقال عليه، وإذا حاول أن يجتهد ربما يعرقله أشخاص موجودون قبله فى الوزارة أو المحافظة، وهم من يعيذون له بعدم أهمية تلك الشكاوى وعدم جدوى الرد عليها، لكنه لو أدرك أهمية استجابته للشكوى وأنها تكسبه شعبية جارفة، بل تساعده على وضع يده على نقاط الضعف فى دائرة مسؤوليته لما تجاهلها، لتغير حاله كثيرًا». ويشدد «مجدى» على ضرورة تطور أسلوب الشكوى لدى المواطن، بأن يرسلها مدعمة بالفيديو، ويقوم بنشرها على كل مواقع التواصل الاجتماعى، كما يجب على كل جهة حكومية تطوير أسلوبها أيضًا خلال استقبالها تلك الشكاوى من خلال الخط الساخن أو ال«واتس آب»، وأن تدرك أنه بجانب محاربة الإرهاب يجب دعم المواطن والنظر أولا بأول إلى احتياجاته ورغباته. ويتابع: «لم أقرأ يومًا شكوى عن أن مواطن يريد امتلاك فيلا أو شاليه، لكنها كلها طلبات بسيطة يمكن حلّها بمجرد إمضاء أو توقيع مسؤول، وإذا لم يحدث ذلك، يتحول المواطن فورًا إلى ناقم على الأوضاع، وهذا ما استغلته الجماعات المتطرفة، ولعبت على هذا الوتر وهو تقديم المساعدة للمواطن المحتاج حتى تستقطبه ويرتمى فى أحضانها، لذا يجب أن يدرك المسؤول أن عدم الرد على شكوى المواطن وعدم التفاعل معها، سيجعله فريسة سهلة لتلك الجماعات وغيرها».