آمال فهمى (سيدة الميكروفون الأولى)!!

أعلم أن لقب «الأولى» يثير لديكم تداعيات سلبية، ولكن عندما يرتبط باسم آمال فهمى فهو يُصبح فى مكانه الطبيعى وكأنه لقب لاسمها.
استقرت آمال على القمة ستة عقود متواصلة من الزمان، حيث توارث الأحفاد «جينات» الحب ومن أول (نبرة)!!.
إكلينيكيا رحلت آمال قبل ساعات قليلة، إلا أنها عمليا غادرت الدنيا قبل ثلاث سنوات، عندما استقرت فى مستشفى المعادى، وتوقفت عن لقاء مستمعيها فى برنامجها الأسبوعى (على الناصية) ظهر يوم الجمعة، وأيضا عن إلقاء فوازيرها التى كانت طقسا رمضانيا كل عام، وهى تردد فى نهاية الفزورة (نقول كمان)، آمال لا تتنفس الحياة إلا عبر أثير الإذاعة، دخلت الإذاعة المصرية عام 51 بالصدفة، عندما التقت بزميل فى الجامعة كان قد قرأ أن الإذاعة تطلب أصواتاً جديدة فتقدم، ومنحها استمارة، ونجحت هى ورسب هو.
لم تكن آمال هى أول صوت نسائى حقق نجومية، فلقد سبقتها السيدة صفية المهندس، ولكن آمال اختارت أن تبحث عن الصعب، وهكذا تألقت فى البرامج الحوارية، ولها تسجيلات نادرة مع عشرات من عمالقة الأدب والفن والعلم، هى صاحبة فكرة فوازير رمضان، التقطتها أثناء استماعها إلى صوت فى سيارتها لم تدرك فى البداية ما هو، وذهبت للميكانيكى فاكتشفت أنه صوت محطة إذاعة غير منضبطة الموجة، فقررت أن تحيل هذا الموقف إلى فزورة يتابعها الملايين سنويا، انتقلت بعد ذلك إلى المحطة الأهم وهى أن يكتب بيرم التونسى الفوازير وبعد رحيله لجأت إلى صلاح جاهين، وعندما تأخر فى رحلة بالسودان عن إرسال الحلقات وجهت له نداءً على الهواء مشوبا بعتاب، وروى لها صلاح جاهين أنه فى مطارى الخرطوم والقاهرة وجد الجميع يعاتبونه ويحثونه على سرعة إرسال الفوازير للست آمال.
فى عام 64 تولت رئاسة إذاعة (الشرق الأوسط)، منحت آمال الإذاعة الوليدة نبضاً عصرياً، اللمحة الطريفة والتعليق الساخن، وقدمت أصواتاً مثل سناء منصور وحكمت الشربينى وإيناس جوهر وعمو حسن ومحيى محمود ومحمد أنور وصديقة حياتى ودرية شرف الدين وغيرهم، صنعت نجوما إذاعية ولم تشعر بالغيرة من نجاحهم، فهى الملكة المتوجة دوما، كانت آذان كل المستمعين تتعلق بالمسلسل الدرامى الذى يخرجه إمبراطور الميكروفون محمد علوان- زوجها فى تلك السنوات- الذى كان يلتقط المثير فتجد محمد عبدالوهاب بطلا لمسلسل، والعالمى عمر الشريف يترك هوليوود فى نهاية الستينيات لكى يسجل مسلسلا إذاعيا.
تعرضت آمال فهمى لغضب عارم من أم كلثوم- رغم ما بينهما من صداقة- بسبب برنامج «أوافق أمتنع» فى الشرق الأوسط، عندما سألت سناء منصور الأديب يوسف إدريس هل تتوقف عن التدخين لتذهب إلى حفل لأم كلثوم؟ فقال: أدخن سجائر ولا أذهب إلى حفل أم كلثوم، واعتبرت أم كلثوم أن هذه مكيدة حيكت لصالح عبدالحليم، خاصة أن صديقه الصحفى اللامع مفيد فوزى كان هو معد البرنامج، فقررت- وكانت تملك القرار لاقترابها من جمال عبدالناصر- أن تمنع أغانيها عن أثير الشرق الأوسط، وقدمت لها آمال على الهواء طلباً للصلح بإذاعة أغنية «أراك عصى الدمع شيمتك الصبر» وصفحت أم كلثوم.
برنامج «على الناصية» يتم تسجيله بالفعل على الناصية، حتى عندما كُسرت قدمها ومُنعت من الحركة تماماً قبل 7 سنوات، احتفظت بجهاز كاسيت وكانت تسجل الحلقات فى طرقات المستشفى وهى على كرسى متحرك. ارتبطت لدى الناس بفيلم «حكاية حب» عندما قدمت عبدالحليم فى «على الناصية»، باعتباره مطرباً جديداً بأغنية «بحلم بيك»، وهى بالمناسبة تبنت صوت على الحجار فى نهاية السبعينيات، وقدمته للجمهور، وتلك حكاية أخرى.
tarekelshinnawi@yahoo.com