الغاز الغامض بسلامته..

(عزيزى نيوتن..
لن أبدأ من ملف سرقة إسرائيل للغاز المصرى. هذا ملف محسوم بقوانين دولية. وترسيم حدود بمعرفة المتخصصين. وليس لدىَّ أى شك فى أن القيادة المصرية لا تفرط فى حقوقنا بأى صورة من الصور. ورغم ذلك يبقى هذا الملف موضع جدل من مجموعات هوايتها الإثارة. معتمدة على غياب الشفافية والحقائق التى لا تملكها إلا السلطات السيادية.
أبدأ من الأيام القليلة الماضية.
إسرائيل تعلن توقيع عقد تصدير غاز لمصر قيمته 15 مليار دولار. تعتبر ذلك يوم عيد لديهم.
الصحف المصرية جميعاً تبرز الخبر فى صفحاتها الأولى.
الناس تضرب أخماساً فى أسداس.
نستورد غاز. وممن؟ إسرائيل. كنا نصدر الغاز لإسرائيل!.
أين «ظُهر»؟. 2018 نحقق الاكتفاء الذاتى. بعد ذلك نصدر الفائض الوفير.
لماذا سنستورد الغاز؟.
تصريح من المتحدث الرسمى لوزارة البترول. كله غموض. هذا جزء من التحكيم الذى خسرته مصر بقيمة 1.7 مليار دولار. الوزارة لا علاقة لها بهذا الاستيراد. شركات خاصة ستستورد الغاز. إسرائيل ستستخدم البنية المتاحة لدى مصر لتخزين وتسييل الغاز. ثم تصدره. مصر ستستفيد من تأجير إمكانياتها لتصبح مركزاً إقليمياً مهماً ومميزاً لتداول الطاقة!!.
الكل يتبرأ من الصفقة. حصة الدولة فى الإمكانات المتاحة 24% والباقى لشركات أجنبية. الدولة ليست طرفاً فى الموضوع. عجيبة!!. شركة خاصة مجهولة هى التى تعاقدت. تماماً كما كان يحدث فى الماضى عندما كانت وزارة الزراعة تستقدم خبراء زراعة من إسرائيل ثم تنسب الأمر للشركات الخاصة.
رئيس الوزراء يفاجئ الجميع بتصريح. الشركة الخاصة لم تتقدم بعد بطلبها لاستيراد الغاز من إسرائيل. وستتم دراسة الطلب بدقة حين تقديمه!!.
الرئيس السيسى كان أكثر وضوحاً. مصر ستستورد الغاز من أى دولة فى البحر الأبيض المتوسط. تعالجه. وتعيد تصديره. وتستفيد من القيمة المضافة. كلام معقول.
تبقى موضوعات تستحق الدراسة والتخطيط لها بإيجابية شديدة.
إلى أى مدى تستوعب الإمكانات المتاحة لمعالجة الإنتاج المصرى بالإضافة للمستورد؟.
خطط تسويق المنتج النهائى. والموازنة بين العرض والطلب لسنوات قادمة. حتى لا ننتهى بفائض لا نعرف له تصريفاً.
الجدوى الاقتصادية والعائد المتوقع من هذه العقود بوضوح.
فى غياب الشفافية المطلوبة والوضوح فى موضوع بهذا الحجم. دول كثيرة متداخلة وعلاقات معقدة. الشفافية الذكية يجب أن ترقى لمستوى الحدث. حتى لا تكثر الاجتهادات والشائعات والإثارة. والمجنى عليه المواطن التائه.
مهندس/ شريف العزاوى).
نيوتن:
دول العالم الحر تتبنى وتتصدى للأمور المهمة نيابة عن كل مستثمر موجود على أرضها. معظم الاستثمارات تكون فى شكل شركات مساهمة.
نتذكر رؤساء أمريكا وهم يسافرون لإنهاء صفقة طائرات لشركة «بوينج». بدلاً من أن تفوز بها شركة «إير باص» الأوروبية. نذكر رئيس وزراء فرنسا وهو يتدخل لشركة «أكور» للفنادق فى ميدان التحرير. وهكذا.
أما هنا فالأمر معكوس. بدلاً من المواجهة فيما نراه للصالح الوطنى. كدولة لا يُخجلها أن ترعى مصالحها. ندفع بواجهة مدنية من القطاع الخاص. سواء فى الإعلام من خلال شراء محطة تليفزيونية أو جريدة. فى خط أنابيب إلى إسرائيل. فى استيراد غاز دولة إلى مصر.
الدول لا تستحى من التصدى لما تراه مصلحة لها ولمواطنيها. لا تدفع بكومبارسات. وسرعان ما تتضح الحقيقة.
الدولة تمتلك صحفاً منذ عهد عبدالناصر. إذا أرادت شراء صحيفة فليكن من خلال إحدى المؤسسات الصحفية التى تتبعها. إذا أرادت شراء محطة تليفزيونية. فليكن من خلال المؤسسة التى تمتلك تليفزيون الدولة. كما هو الأمر فى (BBC). أغار على مصرنا عندما تلجأ لغير ذلك.