شادية.. تاريخ إنساني حقيقى لكل المصريين لكل شاب وشابة، لكل مناضل، لكل طالب وطالبة، لكل اثنين عشاق، اثنين مخطوبين في كل مناسبة تجد صوتها يداعب مشاعرك يشبع لديك احتياجاتك في هذه اللحظة أو هذه المناسبة. إنها فنانة موهوبة ذات إحساس راق وصادق، يمس قلبك وعقلك هي أختك وحبيبتك، وأمك، ورفيقة نضالك.. هي كل هؤلاء، وغنت بالنيابة عن كل هؤلاء.. وهى كل هؤلاء مجتمعين في صوت شادية العرب..- هي من غنت «غاب القمر يا ابن عمى.. يا لله روحنى ده النسمة قبل الليل بتفوت وتجرحنى».. بنوتة مصرية خالصة، بريئة، تحب ابن عمها وتستعجل في العودة للبيت مثلها مثل أي فتاة مصرية شابة.- وهى من حمست الطلاب على المذاكرة وقالت بكل حسم: «فى الوقت ده.. من كل عام، أقّضى طول الليل ما أنام، في الوقت ده ما ينامش فيه غير البليد»..- شادية كانت دائمًا صوت العشاق والمحبين و«المخطوبين» صوت يعبر بمنتهى البراءة عن أجمل المشاعر وتصف أدق اللحظات وكل من يردد أغانيها يشعر وكأنه صاحب الأغنية أو أنها كانت تغنيها له وحده.. وحين شدت: «شباكنا ستايره حرير من نسمة شوق بيطير».. وكل عروس دندنت «وثلاث وردات أخوات أشبكهم على الفستان».- وفى العدوان الثلاثى الغاشم، كان صوتها الزاد والزواد لكل عناصر المقاومة، وهى من أشعلت روح الفداء وهى تغنى: «أمانة عليك أمانة.. يا مسافر بورسعيد، لتبوسلى.. كل أيد، حاربت في بورسعيد»..- وهى المناضلة.. وفؤاده تفتح الهويس تحديًا لديكتاتور القرية في فيلمها الرائع «شيء من الخوف» وزواج عتريس من فؤاده باطل دلالة لعدم الشرعية..- وبعد حرب 1967 غنت بكل جوارحها يا حبيبتي يا مصر وغنت وهى مجروحة مثل كل المصريين: يا بلادى يا بلادى.. يا أحلى البلاد يا بلادى.. فداكى أنا والولاد يا بلادى ماشفش الأمل في عيون الولاد، وصبايا البلد، ولاشاف العمل سهران في البلاد.. والعزم اتولد ولا شاف النيل في أحضان الشجر، ولا سمع مواويل في ليالى القمر.. وظلت هذه الأغنية هي أيقونة حب المصريين لوطنهم، لم تأت أي مناسبة وطنية، بما فيها الثورتان يناير 2011، ويونيو 2013 إلا غناها المصريون بمنتهى الحماسة والصدق.- وهى من وقفت في صف المرأة المصرية وشجعتها بعد ثورة 52 وتطلعات الفتيات لتحقيق أحلامهم في التعليم والعمل العام وغنت لهن: «يا بنت بلدى زعيمنا قال.. قومى وجاهدى ويا الرجال»..- شادية «البنت المصرية» الوطنية الصادقة التي حين غنت لتلاميذ بحر البقر الأطفال الشهداء على إثر قذف غاشم من إسرائيل للمدرسة الابتدائية في محافظة الشرقية، أبكت جميع المصريين، وكان صوتها يبكى حزينًا على الأطفال الأبرياء والدم يغطى وجوههم، والأشلاء تتناثر في فناء المدرسة، والدموع كست وجوهنا جميعًا ونحن نصرخ معها: «الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم على ورقهم سال، في قصر الأممالمتحدة.. إيه رأى رجال الفكر الحر في الفكرة دى المنقوشة بالدم، دم الطفل الفلاح.. راسم شمس الصباح..»- هذه شادية.. تاريخ إنسانى مصرى خالص لأنها «بنت مصر». مقالات متعلقة * الكونجرس.. والأقليات الدينية بمصر * القس سمعان.. هل تتفرق دماءه بين المختلين! * نصر أكتوبر.. منهج وحياة [email protected] اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة
