الدولار يتراجع وإرتباك بالسوق السوداء.. ومصرفيون يتوقعون «تعويماً مداراً» للجنيه

أصيبت السوق السوداء للعملات الأجنبية بحالة من الشلل والتضارب، على خلفية التحركات الحكومية للحصول على مساندة مالية من صندوق النقد الدولي، لتعزيز برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وكذا مواصلة البنك المركزى حملات التفتيش والرقابة الميدانية على شركات الصرافة العاملة بالسوق، ومعاقبة المخالف منها.
وأوقفت عددا من شركات الصرافة، والمتعاملين في السوق السوداء نشاطها، الخميس، بسبب حالة عدم الاستقرار في عمليات البيع والشراء، وما أسماه البعض ب«ضبابية السعر»، حيث تداولت الأوساط المالية والمصرفية وشركات الصرافة أكثر من سعر غير رسمى للدولار.
وأبلغ مسؤول حكومى كبير «المصرى اليوم»، أن سعر العملة الأمريكية، هوى في السوق الموازية اليوم إلى 10.60 جنيه، فيما تداول متعاملون بالسوق أسعاراً للدولار تقل عن 12 جنيها، وتتراوح تحديدا بين 12.10 للشراء، و12.50 و12.70 جنيه للبيع.
من جانبه، قال رئيس شركة صرافة، طلب عدم ذكر اسمه: «أوقفنا الشغل خالص، السوق مش مستقرة، والأسعار والأرقام المتداولة أقل من 12 جنيها مش مظبوطة».
وسادت حالة من الغموض وعدم الاستقرار سوق الصرف، انتظارا لحين بدء تعاملات الأسبوع المقبل الأحد، وسط توقعات بمعاودة نشاط تداول الدولار بشكل واضح.
في المقابل أكدت سهرالدماطي، نائب العضو المنتدب لبنك «الإمارات دبى الوطني» (مصر)، إن الاتجاه النزولي للدولار فى السوق السوداء، كان متوقعا، عقب بيان الحكومة بعد اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية الثلاثاء.
وأشارت «الدماطي»، في تصريحات خاصة، إلى أن عطاء البنك المركزي الأخير الذى جرى تنظيمه، الثلاثاء الماضي، بقيمة 120 مليون دولار، ساهم في تغطية احتياجات البنوك لاستيراد مجموعة من السلع الأساسية، وعدم قصره على سلعة بعينها.
من جانبه، قال حمدى النجار، رئيس الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية، إن شركات الصرافة تشترى الدولار حاليا بمتوسط 11 جنيها، إلا أنها توقفت تماما عن تنفيذ أي صفقات لبيعه إلى المستوردين. وأضاف أن «هناك حالة ارتباك شديدة في السوق السوداء، وأغلب الصرافات توقفت عن البيع».
واتفق أحد المستوردين، مع الرأى السابق، وأضاف أن شركات الصرافة اشترت الدولار، أمس الأربعاء، ب 11.25جنيه، وانخفض إلى 11 جنيها منتصف اليوم، كما توقفت غالبية الشركات عن البيع للمستوردين.
وتسبب الإعلان رسميا عن بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي، في استقرار نسبي لأسعار الصرف، حيث التقط الجنيه أنفاسه في السوق الموازية للعملة.
وقال خمسة متعاملين إن السوق الموازية تشهد حالة من الانتظار والترقب بعد الإعلان عن مفاوضات صندوق النقد تحسبا لاتجاه البنك المركزى لخفض قيمة الجنيه.
ويبلغ السعر الرسمى للجنيه في تعاملات ما بين البنوك 8.78 جنيه بينما يبلغ السعر للأفراد في البنوك 8.88 جنيه.
وأعرب هانى جنينة، المسؤول ببنك الاستثمار بلتون، عن اعتقاده بأن البنك المركزي يتجه إلى التعويم خلال الأسبوعين المقبلين، ولو كان بنظام التعويم المدار، وقد يحدث أثناء وجود بعثة الصندوق بمصر، بحسب تعبيره.
وأضاف: «الأسعار التي يباع بها الدولار في السوق الموازية مرتفعة ولا أحد يقبل بها، وكثيرون اشتروا الدولار بما يقترب من 12 و13 جنيها، ولا يريدون البيع بأقل من ذلك، ولذا ستجد حالة من التفكك في هذه السوق لابد أن يستغلها (المركزى)».
وقال أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية: «المستوردون يشترون الدولار من السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 12.30 و12.50 جنيه، لعدم توفير البنوك للدولارات التي يحتاجونها».
وأضافت ريهام الدسوقي، كبير محللي الاقتصاد في بنك استثمار «أرقام كابيتال» الإماراتي: «لا أتوقع أن يقوم المركزى بخفض الجنيه إلا عندما تتوفر لديه سيولة سواء من دعم خليجي أو قرض البنك الدولي، وإذا قام بأى خفض فسيلجأ إلى المصادر الأخرى التي يتحدث عنها دائما لدعمه بالسيولة».
ويقول خبراء اقتصاد إن خفض العملة بات حتميا لجذب دولارات إلى الاقتصاد، وتجنب الدخول في فترة طويلة من الغموض وتعديل أسعار الصرف بشكل متكرر، ورغم أن البنك المركزي قال إنه سيتبنى سعر صرف أكثر مرونة عقب تخفيض العملة في مارس إلا أن السعر الرسمى لم يتغير منذ ذلك الحين، وقال متعامل في السوق الموازية: «هناك حالة من السكتة القلبية في السوق الموازية، والجميع يترقب».
ولم ينجح البنك المركزى في القضاء على السوق السوداء أو حتى تخفيف حدة هبوط الجنيه من خلال الإجراءات التي اتخذها خلال الفترة الماضية سواء بخفض سعر العملة في مارس أو العطاءات الاستثنائية أو سحب تراخيص نحو 23 شركة صرافة في الأشهر الستة الأولى من العام الجارى.