«المصري اليوم» تلتقي أصغر أسيرة فلسطينية.. كوابيس الاعتقال تلاحقها وتلوذ بالصمت

تمسك خصلة من شعرها تارة، وترجف أرجلها معظم الوقت أثناء جلوسها على منصة لتكريمها في مقر منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله، بينما لم تلق بالا لكثير من الكلام قيل لها وعنها. هي الطفلة ديما الواوي، البالغة من العمر 12 عاما، والتي حازت على لقب أصغر أسيرة فلسطينية.
ديما بعد ثلاثة أيام من الإفراج عنها لم تستطع التأقلم مع وضع جديد طرأ على حياتها لتجد نفسها رغم طفولتها أمام عدسات الكاميرات من جهة واسئلة غريبة لم تفهم مغزاها ولم تثق بسائلها من جهة أخرى، فبعض الصحفيين- كما تقول- «يفهمون ما اقوله غلط».
اختارت ديما ان تصمت دون ان تكثر من الكلام، وتركت للصحفيين خيار وصف حالتها، وما آلت إليه حياتها عقب أن اعتقلت في سجون الاحتلال لأكثر من شهرين ونصف بتهمة محاولتها تنفيذ عملية طعن في 9 فبراير الماضي ليفرج عنها بعد عدة جلسات في محكمة الاحتلال بقرار الإفراج المبكر قبل 4 اشهر ونصف من انتهاء حكمها.
على عجالة من امرها ولدرء الاسئلة الكثيرة، قالت ديما انها اشتاقت لصديقاتها في المدرسة التي لم تعد اليها بعد بسبب الاعياء الشديد نتيجة اعتقالها ومعاملتها القاسية. كيف لا وقد تعرضت لصراخ وترهيب مارسته استخبارات الاحتلال الإسرائيلي لانتزاع اعترافات منها، دون حتى ان تفهم ديما كثيرا من الأسئلة الموجهة إليها.
وربما كانت خشية ديما من أسئلة الصحفيين نابعة من ربطها بالتحقيقات التي خضعت لها والعذاب الذي رأته منذ لحظة اعتقالها، حيث اظهرت الصور معاملة قاسية اثناء اعتقالها عندما قام جنود الاحتلال بوضع أقدامهم فوق ظهرها وهي ملقاة على الارض، وكبلوا يديها وقدميها.
وتقول ديما ل«المصري اليوم»: «تعبت من الصحفيين، كما أنهم لم يسالوا عن معاناة عشرات المعتقلات اللواتي أصبن برصاص الجيش الإسرائيلي، وكنت معهن بسجن الشارون». وأكدت أن أوضاعهن صعبة للغاية، ولا علاج يقدم لهن رغم الإصابات الخطرة.
والدة ديما تصف حال ابنتها بانه محزن، وتحاول جاهدة بان تخرج ابنتها من وضع نفسي صعب تعلله بما ذاقته من الم ومرارة فترة اعتقالها.
وتقول ل«المصري اليوم»: «ديما تغيرت كثيرا بعد أن كانت شعلة حيوية ونشاط، وكنا نطلب منها أن تسكت من كثرة كلامها، لكنها تغيرت للاصعب، وتمسك شعرها بشكل دائم ويظهر التوتر عليها، وتهتز قدماها وترتجف ولا تاكل، فمنذ ثلاث ايام لم تاكل إلا وجبة واحدة، وعندما حاولنا ان نساعدها على الحديث سرقت صحفية كلامها ونقلته بطريقة مغلوطة، ما اثر على نفسية ديما واصبحت لديها ردة فعل عكسية برفضها الحديث».
والد ديما، اسماعيل الواوي، بالكاد يتمالك اعصابه وهو ينظر إلى الحالة النفسية التي أصابت ابنته، يتحدث ل«المصري اليوم» عن اصعب اللحظات التي رافقت عملية اعتقال ابنته واخضاعها للتحقيق من قبل سبعة محققين بأجهزة الأمن الإسرائيلية دون أن يكون لديها محامي أو أي من افراد اسرتها. ويقول: «ترك ذلك اثرا نفسيا صعبا على طفلتي، التي تجد نفسها الان امام وضع لم تستوعبه ولم تفهم مغزاه بعد».
ويشير الواوي إلى حاجة طفلته لرعاية خاصة على الصعيد النفسي حتى تخرج من حالتها، لكنه لا يضيع فرصة توجيه نداء إلى الامتين العربية والاسلامية بضرورة الوحدة من اجل العمل لرفع المعاناة عن الاطفال الاسرى والافراج عنهم .
بحسب الاحصائيات الفلسطينية الرسمية الصادرة عن هيئة شؤون الاسرى، تواصل سلطات الاحتلال اعتقال 450 طفلا بينهم مئة قاصر دون سن 16 عاما، وتفرض عليهم احكاما ظالمة تخالف فيها كل المواثيق والاعراف الدولية الخاصة بحقوق الطفل.