لا أثق كثيرا في نتائج استطلاعات الرأى العام التي تقوم بها مراكز وبحوث متخصصة، وخاصة قبل الانتخابات أو في حالات رصد شعبية الرئيس أورضاء الناس عن الحكومة أو ماشابه ذلك، اعتقد ان الاسئلة المقدمة للعينة يتم اختيارها لتكون موجهة وغير حيادية إلى حد كبير، ولكن في حالات استطلاعات الرأى البعيدة عن السياسة أشعر بنسبة أكبر من المصداقية والارتياح إلى النتائج التي يمكن أن تفيد في قراءة الواقع. منذ عدة أيام قرأت على موقع مجلة لوفيجارو الفرنسية نتائج استطلاع رأى حصرى لموقع Direct Matin نقلته المجلة عن المهن التي يفضلها الفرنسيون، ولقد ضمت القائمة 17 مهنة، وأظهرالاستطلاع أن 13% من الفرنسيين يفضلون مهنة الطبيب، 10% طبيب بيطرى، 8% صاحب مشروع. وبتفصيلات أكثر نجد مهنة الطبيب هي الأكثر جاذبية، واشترك في تفضيلها الرجال والنساء، لكن النساء بنسبة أعلى، فهى مهنة الاحلام بالنسبة ل15% من النساء اللواتى شاركن في العينة وبالنسبة للرجال جاءت النسبة 11%، ثم جاء ت مهنة طبيب بيطرى لتحتل المكانة الثانية بنسبة 13% لدى النساء و7%لدى الرجال، ثم التدريس 12% لدى النساء و4% لدى الرجال، ولقد علق على ذلك «إيف مارى كان»مدير مركز CSA الذي أجرى الاستطلاع قائلا:ان الفرق بين الرجال والنساء يصبح مضاعف ثلاث مرات فيما يخص مهنة التدريس، النساء يعتبرن المهن الطبية والتعليمية هي المثالية في حين يفضل الرجال المهن التي تسمح لهم بالقيادة والمغامرة مثل صاحب مشروع. الرجال يفضلون مهنة صاحب مشروع بنسة 10% في حين تختارها 7% فقط من النساء، وكذلك مهنة رائد فضاء 8% من الرجال و2% من النساء، رئيس جمهورية 7% من الرجال و3% من النساء، 11%من الرجال يفضلن ان يكونوا لاعبين رياضيين في حين تفضل 12%من النساء أن يصبحن ممثلات. اختيار المهن المفضلة يختلف من سن لآخر على حد قول مدير المركز، فالعينة التي شملت من هم في سن أعلى من 65 سنة جاءت اختياراتهم :طبيب 19%، مهندس 12% مدرس 11%، اما الفئة العمرية من 18-24 سنة فكانت مهنة صاحب مشروع هي الاكثر شعبية لأنهم منجذبين لقصص النجاح التي تنشرها وسائل الغعلام عن الشباب الذين جمعوا ثروات من خلال مشاريعهم الخاصة وجاءت بعدها مهنة التمثيل . في المقابل فأن مهنة التاجر لم تعد من المهن الجاذبة للفرنسيين، لأنها على حد رأى العينة فرص التنمية والتطوير فيها محدودة. أما المهن الأقل جاذبية فهى مهنة الضابط: البوليس والجيش، ولم تحوذ سوى على 1% فقط، والتفسير أن ضابط الشرطة له صورة متابينة عند الناس، ضابط الجيش أكثر تقديرا ولكنها مهنةغير جاذبة ولاتعد مهنة الاحلام نظرا للمخاطر التي يتعرض لها صاحبها. استوقفنى كثيرا هذا الاستطلاع، فالمهن الأكثر جاذبية عند الفرنسيين هي التي يبذلوا فيها جهد كبير سواء في التعليم والتحصيل أو في الممارسة بعد ذلك، مهنة التدريس مازالت تحظى بالجاذبية والتقدير لدى الفرنسيات، هذا الترتيب يوضح إلى حد كبير صورة الشعب الفرنسى عن نفسه، وماهى المهن التي يرى انها تحقق له قدرا كبير من التقدير والاحترام في مجتمعه ،فمهنة مثل رئيس الجمهورية التي قد نتصور انها شديدة الجاذبية جاءت في ذيل القائمة وكذلك الضباط، وأفكر لو أجرينا مثل هذا الاستطلاع في مصر ماذا ستكون نتيجته؟ سأقدم إجابة قد تكون ساخرة ولكن دائما النكتة المصرية تعبر عما نخشى أن نقوله بجد انتشرت في منتصف السبعينات من القرن الماضى، ومع بزوغ نجم مليونيرات الفهلوة في عهد الانفتاح الساداتي، وما صاحب ذلك من تغير في الهرم الاجتماعى ومنظومة القيم الحاكمة، النكتة تقول: ذهب الرئيس السادات وبصحبته المهندس عثمان أحمد عثمان، وزير الإسكان، وعدد من المسؤولين لزيارة أحد المدارس الابتدائية النموذجية، دخل الرئيس السادات الفصل وتحدث عن المستقبل وإمكانية أن يكون المصريين جميعا أثرياء في عهده و....و، ثم أشار لتلميذ يجلس في أول الصف وقال له: قوم يا شاطر، اسمك ايه؟ -أنا أسمى أحمد *عايز تطلع إيه يا أحمد؟ - عايز أطلع دكتور ويبقى عندى عيادة ومستشفى واكسب فلوس كتييييير. * شاطر يا أحمد. ثم اشار لطفل آخر في منتصف الفصل أنت يا حبيبى اسمك ايه؟ - اسمى خالد وعايز اطلع مهندس ويبقى عندى شركة مقاولات واكسب فلوس كتييييييييير. ابتسم الريس وقاله برافو يا خالد ثم اشار لطفل في آخر الفصل وقال: وأنت؟ -أنا اسمى نادر وعايز اطلع رجل أعمال واستورد لحمة وسمك وأكسب فلوس كتييييييييير ضحك السادات من قلبه وقال: الولاد دول هايلين ياعثمان عارفين هما عايزين إيه، ثم نظر حوله فوجد تلميذة فسألها وإنتى اسمك إيه يا حبيبتى؟ أجابت: أنا اسمى ثوثو وعايزة أطلع رقاصة وآخد فلوس العيال دى كلها. بس خلاص.. [email protected]
