أى كتابة حقيقية لابد أن تحوى القدر المناسب من الجنون والكثير جدا من الأحلام والإصرار على الهرب من أى قيد أو سور أو خوف.. ولو مشيت الآن وراء عقلى وكل حسابات النجاح وجذب اهتمام الناس والبحث عن التصفيق والإعجاب أو حتى الهجوم واللعنات، فسأختار أن أكتب عن المشير السيسى وحواره التليفزيونى الثلاثى الأخير وما سوف يثيره من إعجاب وانتقاد واحترام وسخرية واستنكار وتصفيق واستعراض.. أو أكتب عن فوز الأهلى أو خسارة الزمالك فى أفريقيا واتحاد الكرة المشكوك فى سلامة انتخاباته ولجنة الأندية التى ستصبح ضحية مطامع أنديتها.. أو أشتم أى أحد وأخترع له أى اتهام أو فضيحة أو مكالمة تليفونية مسربة وأعتبرها تهديدا للأمن القومى أكثر من إسرائيل وسد النهضة.. ولكننى سأترك كل ذلك وأكتب عما لن يهتم به أى أحد ولن يرى فيه ما يستحق الانتباه والالتفات والتعليق.. وهو الاتفاق الذى تم بين وزارة الشباب والرياضة ومؤسستى مصر الخير وأجيال مصر للتنمية، لتوحيد جهود التنمية والتطوع لخدمة عموم الناس.. ولست فى حاجة للانتظار ومراقبة ما سيحدث على الأرض لأكتب عن ذلك.. فأنا هنا أكتب عن النوايا التى لست أملك مبررا للتشكيك فيها أو الاستهزاء بها.. وأثق فى أن الوزير خالد عبدالعزيز والدكتور على جمعة، مفتى مصر السابق، والدكتور محمد رفاعى بالفعل يريدون الخير.. وأنا مثلهم تماما وآخرون كثيرون جدا.. ولهذا أتمنى أن يطيل الثلاثة حديثهم عما يريدون القيام به.. وأرجو من القادة الثلاثة صرف النظر قدر الإمكان عن الندوات والمؤتمرات وورش العمل والبدء فورا فى العمل على الأرض.. فمصر لم تعد فى حاجة لكثيرٍ من الكلام وهناك كثيرون جدا يموتون فى كل يوم ألماً وحزناً ووجعاً ومعاناةً ولا يملكون رفاهية الانتظار.. يريدون المدد اليوم وليس غداً، والآن وليس الأسبوع المقبل.. أرجو من القادة الثلاثة أيضا الالتفات إلى روابط الألتراس.. وأقصد العشاق الحقيقيين للكرة وأنديتها وليس تجار اللافتات والصرخات والطبول الذين باعوا أنفسهم لتجار السياسة والدين.. واستغلال تنافس روابط الألتراس فى الخير.. فتتم مثلا دعوة ألتراس الأهلى للإسهام فى مشروعات للخير بعشوائيات القاهرة.. والوايت نايتس فى الجيزة وألتراس الاتحاد فى الإسكندرية والمصرى فى بورسعيد والإسماعيلى فى الإسماعيلية.. وأن تكون الوزارة ومؤسسة مصر الخير وأجيال مصر هم حكام المباراة الذين سيتابعون العمل يوما وراء يوم، وإعلان النادى الفائز الذى سيكون جمهوره هو الأكثر إخلاصاً وعطاءً ومساندةً للفقراء والمنسيين.. وقتها سيدرك الشباب المسكونون بجنون الانتماء لكرة القدم أن تعصبهم لأنديتهم يمكن أن يتحول من سباق الشر والأذى إلى سباق الخير والحب.