صامويل إيتو.. إنجاز «ميلا» الذي لم يتحقق

كل شيء كان مهيأ لتأهل هادئ وسهل من ياوندي بعد إنجاز الفوز على كوت ديفوار في «أبيدجان»، «لا يمكن أن نخيب أمل الجماهير الآن»، قال لهم صامويل إيتو قبل النزول إلى أرضِ الملعب ومواجهة 100 ألف متفرج لم يأتوا ليشجعوا منتخبهم بقدرِ ما أتوا للاحتفالِ بالصعود لكأس العالم بعد الفوز على منتخب مصري مُترنّح في مرحلة انتقالية مُعتادة، والأهم.. بلا دوافع على الإطلاق.
هدف «رودلف دوالا» في الدقيقة 20 كان برهاناً جديداً على صعودٍ بلا مشاكل، قلق طفيف ينتاب البعض من الجديَّة التي يُبديها المصريين، ولكن الفوز كان، طوال الوقت، قريب المنال، قبل تلك الصاعقة التي عرفتها الدقيقة 78 بإحرازِ محمد شوقي لهدفِ التعادل، لم يفهم صامويل إيتو لماذا فرح المصريين بهذا القدر، وهل كبرياء فريق من كبار القارة يوازي عدم تحقيق حلم الكاميرون كلها بالتأهل إلى المونديال؟.
كان يُدرك أن تلك هي اللحظة المثالية لكي يذهب إلى ألمانيا، ثالث أفضل لاعب في العالم، يقدم مستويات مذهلة مع برشلونة، لم يكن يعرف حينها أن عامه مع ناديه سينتهي بدوري أبطال أوروبا، وأنه سيحرز هدف العودة في المباراة النهائية، كل ما كان يعرفه أن الذهاب إلى ألمانيا حُلماً كبيراً لجيلٍ رائع في الكرة الكاميرونية.
ربما آن الأوان لتجاوز ما حققه «ميلا» ورفاقه عام 90، حين وصلوا إلى رُبع النهائي وكانوا على بعد خطوة مما هو أبعد، «إيتو» أرادَ تحديداً تجاوز تلك الخطوة، بعد مشاركة مَعقولة في مونديال 2002، والخروج بفارق نقطة واحدة، تلك المرة سيكون الفريق أكثر نُضجاً وطموحاً، هو نفسه يفكر في احتمالية أن يكون أفضل لاعب في تاريخ القارة.. فقط لو تجاوز «ميلا» في الصيفِ القادم. هدف «شوقي» كان كابوساً حقيقياً لصامويل إيتو، صمت ال100 ألف مشجع في الأستاد كان له دَوِيّ صاخب، قبل أن تنعدل الأمور، ضربة جزاء مثالية في الدقيقة 94، شوطَة واحدة جيدة وينتهي الأمر.
تلك الحرقة التي شعر بها عند صافرة النهاية لم يعرفها أبداً في حياته، كل شيء انتهى الآن.
لسببٍ ما لم يلعب المنتخب الكاميروني بنفس القوة بعد تلك المباراة أبداً، صحيح أنه تأهل بعد أربع سنوات لكأس العالم في جنوب أفريقيا، ولكن جذوة ما كانت منطفأة بشدة، حقق حضوراً كارثياً بخسارة مبارياته الثلاثة أمام اليابان والدنمارك وهولندا، ورغم تسجيل «إيتو» لهدفين إلا أن كل دقيقة لعبها كانت تؤكد على أن «حلم ميلا» صار بعيد المنال جداً.
عودة «إيتو» مع الكاميرون إلى البرازيل هذه المرة ليست مَصحوبة بأي آمال كبرى، عوضاً عن الصعوبة الشديدة في مجموعة تضم مضيف البطولة ومرشحها الأول، مع قوى القارات الطموحة كرواتيا والمكسيك، فإن الفريق نفسه، ليس بالشراسة التنافسية الكافية، وبصورةٍ أضعف ربما من 2010،«إيتو» نفسه مر بواحدٍ من أسوأ مواسمه في أوروبا، أهداف قليلة، عدم ثقة الجماهير، والأهم سخرية «مورينيو» من كبر سنه، قبل التصريح بأنه «غير راضٍ عن مستوى مهاجمي فريقه»، ونهايةً بضربة الجزاء التي تسبب فيها وأطاحت بالنادي بعيداً عن نهائي أمم أوروبا قبل شهر ونصف فقط من بداية البطولة.
«إيتو سيظل إيتو»، يقول الألماني فولكر فينكه مدرب المنتخب الكاميرون، «هو أهم لاعب في المنتخب والشخص القادر على صُنع الفارق»، ولكن الحقيقة المقابلة أن «إيتو»، حتى لو سخر من ذلك باحتفالٍ رائع، صار عجوزاً فعلاً، حركته أثقل، تنفيذه أبطأ، أقل قدرة على العودة لمساعدة الدفاع، أو إنهاءً للهجماتِ التي تصل إليه، لم يعد من المحتمل أن تبني عليه حلماً كبيراً كالوصول لإنجازِ «ميلا»، هو نفسه أول من يعلم، وربما منذ ليلة «ياوندي» السوداء قبل تسع سنوات.. عرف أنه لن يحققه أبداً، ولذلك فهو لا يحمل أي أحلام كبرى في رحلته للبرازيل، فقط نهاية معقولة لمسيرة لاعب كرة عظيم.