أعرف حدودى جيدا وأقف عندها تماما دون أى محاولة لتجاوزها.. وإذا كنت قد كتبت، منذ أيام قليلة، داعيا خالد عبدالعزيز، وزير الشباب، لرفض إقامة دورة حوض النيل فى القاهرة اقتناعا بعدم جدواها سياسيا وأمنيا وإعلاميا.. فقد كتبت ذلك كمجرد صحفى لا يملك إلا كلمته، يكتبها كواجب يقوم به ثم يمضى وقد أدى ما عليه.. وفوجئت، أمس الأول، بوزارة الرياضة ترسل خطابا رسميا للجنة الأوليمبية المصرية يفيد بموافقتها، وأيضا موافقة وزارتى الخارجية والرى على إقامة هذه الدورة.. ومن المؤكد أننى لا أملك حق الاعتراض على هذا الخطاب، أو تلك الموافقات الحكومية الرسمية.. فأنا صاحب رأى لا صاحب قرار.. ولا أحترم الصحفى الذى يتجاوز حدوده ويبدأ فى مهاجمة أى مسؤول لا يستجيب لمطالبه، ويحيل هذا الصحفى الأمر فى النهاية إلى حرب شخصية تبيح استخدام حتى الأسلحة غير المشروعة والأساليب اللاأخلاقية.. وبهذا المنطق لا يجوز لى حق الاعتراض لكن يبقى لى دائما حق السؤال.. وأنا هنا أسال ثلاثة من وزرائنا.. الخارجية والرى والرياضة.. عن الأسس التى استندوا إليها للموافقة على إقامة هذه الدورة.. وهل قام الوزراء الثلاثة بدراسة حقيقية للطلب الذى تم تقديمه إليهم قبل موافقتهم عليه، أم أن وزراءنا وافقوا دون أى بحث أو دراسة.. فاللجنة الأوليمبية المصرية قالت إنها تريد إقامة هذه الدورة بقصد استخدام الرياضة لتعزيز علاقات مصر السياسية والمائية بدول حوض النيل، ولهذا طالبت الحكومة بالإنفاق على استضافة بعثات هذه الدول فى دورة رياضية هنا فى القاهرة.. ولم يتفضل السادة مسؤولو اللجنة الأوليمبية المصرية بشرح واف عن كيف يمكن لتلك الدورة الودية أن تنجح فى تحسين هذه العلاقات.. وهل تتشابه علاقة مصر بكل دولة فى حوض النيل حتى يمكن جمع كل هذه الدول فى دورة واحدة.. فهل ستشارك إثيوبيا على سبيل المثال أو سيأتى السودان بشطريه الشمالى والجنوبى معا.. ولست أعرف على ماذا وافقت وزارة الرى لكننى أسأل وزارة الخارجية إن كانت أرفقت بموافقتها أى نصائح أو إرشادات سياسية حتى إن كانت غير معلنة.. وهل طلب وزير الشباب من مساعديه تقريرا عن بطولة وهمية لكرة القدم لحوض النيل أقيمت وتكلفت الكثير من المال دون أى عائد سياسى أو إعلامى أو حتى كروى.. فهل تسمح ميزانية وزارة الشباب حاليا بمثل هذا الإنفاق غير المبرر وغير المدروس على أهداف رومانسية غامضة ليست واضحة أو محددة.. أما سؤالى للجنة الأوليمبية المصرية وخبرائها فهو: متى ستقام هذه الدورة، وما الألعاب التى ستتضمنها.. وهل تم اختيار ألعاب تضمن فيها الفرق المصرية الفوز على دول حوض النيل؟.. حيث لايزال بعض مسؤولينا للأسف يتخيلون أن الاستخدام السياسى للرياضة يعنى، باختصار شديد وحماقة أشد، فوزك على الدولة التى ترغب فى تحسين علاقتك معها فيتغنى شعب تلك الدولة بقوتك وانتصارك عليهم فتتحسن علاقتهم بك فورا.. وأنا لا أتمنى أن تكون هذه هى رؤيتنا الحكومية لدورة رياضية ستنفق مصر عليها الكثير من المال لتحسين علاقاتها مع دول حوض النيل.