من الواجب علينا محاكمة التوجهات الغريبة والمندفعة لدولة قطر التي تحاول شق الصف الخليجي، لما أظنّه خرقا لأدبيات وقيم ومثل الخليج على امتداد تاريخه الحديث في عهد الدولة الوطنية، ولذا من الواجب علينا أن نبدأ بطرح الأسئلة التي بدت لهم كأنّني خرقت المسلمات، وجرّحت الرموز! والله يعلم أنّي لم أفعل ولا أفعل، ولكنّي أشير فقط إلى الأسئلة، شأني شأن إنسان وطني ملّ تزييف الكلام، وتزيين حواشيه، وكتابة المطولات الرمزية، فماذا يضرّنا لو تقدمنا بالأسئلة عن قطر، تلك الحالة، والمشروع، لعلنا نصلح ما يكسّره الصبية! لا أدرِي أين كان المستعجبون، حينما كان الدّاعية القطري «يوسف القرضاوي» يستغل أداة «قطر» الإعلامية، ومنابرها الدينية، للهجوم على حكّام الخليج، ويوزع صكوك الغفران لمن يحب من الأمراء، ويشن حملات الإساءة المنتظمة، بل يبيح قتل الزعماء والرؤساء! ولا أعرف أين كانوا وهم ينظرون إلى المَال القطري المبذول في أوروبا، لشنّ الحملات على السّعودية والإمارات، عبر صحف بريطانية استغلوا اقترابها من الإفلاس، وحولوها إلى صحف صفراء، تشن الهجوم وتمارس التشويه. نعم، لكل دولة الحق أن تكون لها طموحات، وأن تتوسع وتتمدد آمالها، ولكن ليس على حساب إرادة الشعوب الأخرى ومصالح دول الجوار. قطر التي تلعب بين المحاور وتقفز من هنا إلى هناك، وتمتطي الإخوان تارة وإيران تارة، لا تدرك أنها تلعب بالنّار. قبل عامين، أصدر الكاتب القطري، محمد الكواري، كتابا سماه «الشعب يريد الإصلاح أيضًا في قطر»، تضمن وضعًا مخيفًا يعيشه القطريون، ولكنهم صامتون يتحملون ويعارضون بصمت، وهم بحسرة يدركون أن منظومة الغاز لا تنفع في ظل محاولات صبيانية للقيام بدور «شرطي المنطقة»، قرأته وأنا أتذكر قصّة الفأر السكران الذي أراد أن يحمل الفيل! إن لعب قطر دورا أكبر من حجمها هو المغامرة التي تهدد مستقبلها، و«الإخوان» الذين تظن أنها تلعب بهم سيقلبون الطاولة عليها في لحظة ما، كما انقلبوا على غيرها، يومها وساعتها سيندم الجميع، لأنهم دخلوا معركة كان من الممكن تفاديها. نحن حريصون على الخليج، فهو ميراث التصالح وخبرة الأجداد، وهو قلب العرب، وخاصرة الجزيرة، وحاضنة التسامح، وهو داعم الكنانة المصرية، وقد لا يصدق البعض أننا حريصون على قطر، وحريصون أن ينتبه العقلاء فيها إلى الدور المريع الذي يساقون إليه، دور لا يهدف إلا إلى استنزاف قواها، وإهلاك جيرانها، وهذا الفخ الإخواني المزدوج لا يخدم سوى أجندة أعداء المستقبل، وأعداء العرب. نعم سنسأل القطريين، وندفعهم للفهم أن ما يفعلونه سينتهي بأن تأكل قطر نفسها، وقطعًا هذا ما لا يريدونه، ولا نريده لهم، ولهذا علينا أن نتساءل ويكفوا عن الضرر، وحفظ الله الخليج، لأن الخليج إن سلم، سلمت العرب جميعًا. علي سيف النعيمي