حول وفاة عبدالناصر

دار فى الآونة الأخيرة لغط مؤسف على لسان الأستاذ هيكل وآخرين، يتهم فيه الرئيس الراحل السادات بقتل الرئيس الراحل عبدالناصر بفنجان قهوة أعده له قبل الوفاة ووضع له فيه السم.. وهو أمر مؤسف ليس فقط لأنه يتهم الموتى وهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم، بل أيضاً لأن فيه افتئاتاً ونكراناً للحقائق التاريخية الطبية الثابتة، ولا يستطيع أكبر غلاة الناصرية وأكثرهم كرهاً للسادات أن ينكرها، تلك الحقيقة التى أوردها الدكتور مراد غالب، سفيرنا الأسبق بالاتحاد السوفيتى بمذكراته، حيث قال إن السوفييت أبلغوه خلال آخر زيارات ناصر للاتحاد السوفيتى فى عام 1970 أن الحالة الصحية لهذا الرجل لن تسعفه للحياة أكثر من عام، فقد وضعوه فى جهاز يشبه الذى يضعون فيه رواد الفضاء لقياس نسبة الأكسجين فى الدم، فوجدوها نسبة متدنية للغاية، وقالوا له إن من الضرورى أن يبتعد عن أى أزمات ومشاكل وتوترات، وإلا ذلك سيسرع من أجله!!
نعم لكل أجل كتاب، لكننا نسعى للحفاظ على صحتنا.. لكن ناصر- رحمه الله- لم يمهله القدر، ولم يعطه الفرصة ليحافظ عليها، حيث عاجله بأزمة أيلول الأسود، وكلنا، وعلى رأسنا أبناء الرئيس ناصر، نعرف أثر الأزمة، وذلك المجهود الكبير الذى قام به ناصر قبل وفاته مباشرة، مما أسهم فى تلك الوفاة.. فلا داعى لاتهام رموزنا بأمور خاطئة ومضللة بل مثيرة للأحقاد والفتن، والحالة لا تتحمل أكثر مما نحن فيه، فكلنا نعرف أن ناصر رئيس قتل نفسه بنفسه، بأزمات كثيرة زج بنفسه ومن ورائه مصر بها، أشهرها وليست الوحيدة نكسة يونيو، ومن قبلها مستنقع اليمن، وكل هذا أثر بالسلب على صحته حتى مات سياسياً بعد النكسة، ومات عن دنيانا بعدها بثلاث سنوات وثلاثة أشهر، ولكن بقيت ذكراه..
إنه رئيس أحب مصر، وحاول أن يضعها فى وضعها الذى تستحقه، لكن القدر والظروف العالمية لم تترك له الفرصة لإتمام حلمه للأسف.. رحم الله الرئيسين السادات وناصر، ومن قبلهما محمد نجيب، ورحم الله مصر والمصريين وتاريخنا وزعماءنا من مدعى الشهرة ومحبى الظهور!!
ماجستير تاريخ