شارع المنتقبات( العزيز بالله سابقا...)

العزيز بالله هو نزار بن معد بن إسماعيل (344 ه - 386 ه) خامس الخلفاء الفاطميين، والإمام الخامس عشر من أئمة الإسماعيلية.
لا تعرف منتقبات شارع العزيز أن المرأة لعبت دورًا مهما فى حياة العزيز بالله، ونالت فى عهده مكانة لم تحظ بها فى أى من العهود السابقة، ولم تتخف وراء إسدال، ولم تلتحف أو تنتقب أو تعتزل الرجال، فالسيدة المعزية «تغريد» أم الخليفة العزيز، زوجة الخليفة المعز لدين الله، والتى تلقبت بأم الأمراء، كان لها نشاط تجارى واسع، وكان الخليفة يتشاور معها فى بعض الأمور السياسية على نحو ما يذكر «المقريزى».
كما كانت زوجته العزيزية قبطية على المذهب الملكانى – مذهب الكنيسة القسطنطينية - وهى أم ست الملك أخت الحاكم بأمر الله لأبيه، وكان لهذه السيدة سلطان كبير على الخليفة العزيز، وهو ما جعله يرفع أخويها إلى أرقى المناصب الكنسية، فعين أخاها «أُرِيسْتس» مطرانا على بيت المقدس، وعين أخاها الآخر أرسانيوس مطرانا على القاهرة، ثم أصبح بطريركا على القاهرة، أهل الذمة.
أما ست الملك، ابنة الخليفة العزيز، وأخت الخليفة الحاكم بأمر الله فقد أحاطها العزيز بكل أسباب الترف والثراء، حتى إنه بنى لها القصر الغربى لتعيش فيه بمفردها، وأقطعها ضياعا فى الصعيد وبحرى.
يمتد شارع العزيز بالله من محطة مترو حلمية الزيتون غرباً حتى شارع جسر السويس شرقاً، ويقطعه عند منتصفه تقريباً شارع طومان باى، فيشطره إلى شطرين متساويين متضادين، أو - إن تحرينا الدقة - لعالمين متناقضين.
الشطر الأول الأقرب لشارع جسر السويس تسكنه غالبية مسيحية، تنتشر فيه المقاهى والكافيهات التى يرتادها الشباب الفانكى والروش والحبيبة من الجنسين، كما تعلو فيه أصوات عمرو دياب ونانسى عجرم وإليسا.. وبرامج نجوم إف إم، فيما يُعبق المكان بروائح الشيشة تفاح وكمثرى وعنب، وتتعالى صيحات التشجيع فى مباريات الأهلى والمنتخب.
فى الشطرالغربى القريب لمترو حلمية الزيتون يقع مسجد ومستشفى ودار مناسبات العزيز بالله، داخل المسجد وخارجه ومن حوله تتحلق الجلابيب البيضاء القصيرة والسراويل الطويلة حول عشرات المكتبات الإسلامية.
قراء شارع العزيز يرون أن التبحر فى الدين يقيهم «شرور الدنيا وبدعها»، لا يقبلون مطلقاً على كتابات شيوخ الأزهر، محسوبون على السلطة، يخدمون السلطان، كما لا يسلم من انتقادهم علماء كبار مثل عبدالحليم محمود والشيخ الشعراوى وغيرهما، لديهم شيوخهم وتزخر بكتبهم مكتبات الشارع، ومنهم محمود المصرى ومحمد حسين يعقوب ومحمد حسان وأبوإسحاق الحوينى ومحمد بن عبدالرحمن العريفى (أغلبهم نجوم فضائيات حالياً) إلى جانب شيوخ السلف مثل ابن كثير والقرطبى وابن قدامة وابن تيمية وابن القيم.
عمرو خالد لا مكان له فى شارع العزيز، ربما بسبب مظهره المودرن، كما أن كتبه بحسب العاملين فى مكتبات الشارع أقرب للقص لا تصلح لطالب علم. من عناوين الكتب المعروضة: « قصص الأنبياء» لابن كثير، و«تنبيه الغافلين» لأبى الليث السمرقندى، ومن كتب الرقائق: «كيف تنتصر على الشيطان»، و«أنذرهم يوم الحسرة»، و«لهيب النار ورياح الجنة»، فضلاً عن بعض كتب السحر والجان، وبعض الكتب التى ترد على المسيحية التى تقطن الشطر الأول من الشارع.
الأمر لايخلو من كتب الصحة والعلاج بالقرآن والأعشاب وكتب الأذكار، وأشرطة كاسيت وسيديهات لأشهر الأفلام الدينية مطمسة الأغانى والموسيقات، وعبوات عسل النحل وحبة البركة وأعواد السواك وروائح المسك، وتشكيلة رائعة من الأزياء النسائية الشرعية من نقاب وخمار وملحفة وإسدال، فى شارع العزيز لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى اتجاه المترو.