فى مقارنتى التالية بين ماضينا وحاضرنا.. لا أعمم بين الجميع.. بل هناك أمثلة مشرفة بلا شك.. ولكننا فى زمن أصبح السيئ هو القاعدة والأساس.. والطيب الشريف هو الاستثناء والأقلية.. المدرس زمان كان أباً، حنوناً، مثقفاً، محترماً.. متمكناً من أدواته.. قادراً على توصيل المعلومة لتلاميذه.. وكان بحق القدوة والمثل.. واليوم.. جاهل، جشع، يعتدى على تلاميذه، وتلميذاته، لايمثل إلا نفسه، ولايهتم إلا بمصالحه الشخصية!.. الطلبة والتلاميذ زمان كانوا يحترمون المدرس ويبجلونه، إذا صادفهم على الطريق تواروا بسرعة عن ناظريه رهبة منه، وتقديراً واحتراماً له.. واليوم يعترضون طريقه داخل المدرسة قبل خارجها.. وقد يضربونه ويهددونه بما يحملون من مطاوى وسكاكين!.. الجيران زمان كانت تربطهم المحبة والإخوة والجيرة الطيبة.. وشعارهم (النبى وصى على سابع جار).. مسلماً كان أو مسيحياً أو حتى يهودياً.. واليوم لايعرف الجار من يسكن فى الشقة الملاصقة له، يحذر أهل منزله من الاختلاط بالجيران، يصرخ بأقذع الشتائم والسباب لأتفه الأسباب، حتى لو القطة قلبت صفيحة الزبالة من أمام شقة جاره، فنال بابه القليل منها!.. اللصوص زمان كانوا يكتفون بالقليل، ولا تجد لصاً يسرق سكان حارته أو شارعه، بل يحميهم ويعيد لهم المسروقات لو حدثت من لص غريب.. واليوم الكل لصوص بشكل أو بآخر.. التحرش زمان كان اسمه معاكسة، أو مناكشة، ولايتعدى قول ياجميل.. ياقمر.. تقال بذوق ولطف وهدوء يحفظ للأنثى حياءها، ويشعرها بجمالها.. واليوم التحرش هو اعتداء جنسى صارخ فى الشارع والأتوبيس والاختطاف والاعتداء الجماعى على الفتيات والأطفال.. ثم القتل أحياناً بعد ذلك!.. لقمة العيش زمان إذا وجدها أحد المشاة على الأرض، يحملها وينظفها من الأتربة ويبوسها.. ويضعها بجانب الحائط حتى لاتدوسها الأقدام.. واليوم العيش يداس ويرمى فى سلات الزبالة.. السينما والتليفزيون زمان.. كانا يحثان على الخيروالثقافة والوعى والترفيه وفى كل الروايات لابد للخير أن ينتصر فى النهاية.. واليوم يعلمان طرق السرقة والنصب والقتل والجنس.. يحللان الشر.. وبفضلهما أصبح رجل الأعمال الفاسد، اللص هو المثل والقدوة لشبابنا وأطفالنا.. وأصبحت النهايات سعيدة أيضا لكن للبلطجية واللصوص والأشرار!.. مجلة روز اليوسف زمان كانت رحما يولد منه العمالقة.. وفخرا لكل صحفى وكاتب يعمل بها.. ومنارة للعلم والثقافة.. ونبراسا ومدرسة للعمل الصحفى يهتدى بها كل الصحفيين.. واليوم هى مغارة مظلمة.. يهرب منها كل صحفى شريف، وكل قارئ محترم! ترى ما هو السبب فى هذه التحولات الكبيرة بين ماضينا وحاضرنا؟! صلاح إدريس - دهب - سيناء