الكائن الفضائى يحاول إقناعى بأن قواعد الرياضيات صارمة ولا تقبل التلاعب، بينما أحاول أنا إقناعه بالعكس. إزاى الحقائق الواضحة غايبة عنكم بالشكل ده؟، قالها مستطردا ثم ارتفع صوته مخاطبا السائق بشكل ميكانيكى: 100- 45= 55 وضحك الميكروباص، وضرب السائق كفا على كف مستغربا من زبائن هذا الزمن. وراح صديقى المسكين يقول فى دهشة فضائية عارمة: أنا مش فاهم بتضحكوا ليه؟ قلت له مبتسما ومهونا عليه الأمر: أنا معاك إن 1+1=2 وإن 100- 45 = 55 بس ده فى كل العالم إلا فى مصر قال غاضبا: مستحيل. الرياضيات لغة عالمية لا تتغير فى أى مكان بالعالم. إلا عندنا. يعنى لما الشاب يتخرج فى الجامعة وما يلاقيش شغل أو يشتغل بمتين جنيه فى الشهر، بينما تمن أقل شقة متين ألف جنيه، ومع ذلك الحياة ماشية ومستمرة وبيتجوزوا، يبقى الرياضيات بتاعتك تفسرها إزاى؟ اللى بتقوله مستحيل. الرياضيات بترفض ده. لازم الطرف اليمين فى المعادلة يساوى الطرف الشمال. طيب حاخليك تسمع بنفسك. يا حاجة (ملتفتاً للسيدة التى لا يمكن التنبؤ بعمرها وتلبس الخمار) إنتم دخلكم كام فى الشهر؟ زوجى بيقبض «423 جنيه» وأنا «219 جنيه». يبقى المجموع 642، عندك ولاد يا حاجة؟ تلاتة. اتنين فى الجامعة وبنت فى الثانوية العامة. ربنا يخلى يا حاجّة. وبيكفوكم؟ الحمد لله عايشين. طيب ممكن تدينا فكرة عن مصروفاتكم. مبدئيا كده الدروس الخصوصية بتكلف ألف جنيه. إيجار الشقة خمسين جنيه، وبنركب مواصلات بمتين وخمسين، وخمسين جنيه أدوية ومصروف كل ولد خمسين. ندخل بقى فى بند الأكل عندك كيلو الرز ب..» (مقاطعا) كفاية يا حاجة. ( ملتفتا إلى جارى الفضائى) هه يا بطل ورينا الرياضيات بتاعتك حتحل اللغز إزاى؟ ( مصدوما) بالتأكيد عندهم دخل تانى؟ يا حاجة عندكم مصدر تانى للدخل؟ لأ يا بنى. عندنا الستر. وماشية يا حاجة؟ ماشية يا بنى. الحمد لله. ( ملتفتا إلى جارى الفضائى) أهه قصادك يا حلو، الطرف اليمين فى المعادلة ما بيساويش الطرف الشمال. وضحك السائق وضحك الميكروباص، لكن جارى الفضائى لم يرد. تصاعدت رائحة شياط أولا، ثم بدأ الدخان يتصاعد من أذنيه بعد أن انصهرت محولاته الداخلية، وسرعان ما كان المسكين قد ذاب تماما.