كشوف العذرية وتعرية الخصوم أبرز المشاهد - زارع: تستهدف الإذلال وكسر الأخر - "فؤادة واتش": الاختزال في الصراع السياسي تهميش للقضية الأخلاقية - "ابن خلدون": عمل إرهابي وليس تحرش - وحيد عبدالمجيد: التحرش الجنسي أداة للقمع والقهر - التحرش "المُقنن" تاريخ من عداوة الدولة للمعارضين حالة من الحزن عمت مصر، بعدما شهد ميدان التحرير رمز الثورة والصمود جريمة تضاف إلى سجل القضايا السوداء التي هزت مصر وأركانها، عندما تكالب أشخاص على سيدة وابنتيها، بُغية هتك عرضها الشريف، في حفل تنصيب الرئيس المنتخحب عبدالفتاح السيسي، لتصبح مصر بعد ليلة تنصيب الرئيس ملتحفة السواد، حزناً على ما جرى للمرأة، من تلك الذئاب. مهرجان التحرش الذي شهده الميدان في ليلة التنصيب، جاء ليؤكد أن شريحة من المجتمع باتت فاسدة، غير مهتمة بالقانون، ولا بتشديد العقوبة فيه على المتحرش، التي ربما يوم يحصل عليها أحدهم، لن تزيد فترة عقوبته عن ثلاث سنوات، في حين يُعاقب المتظاهر المطالب بحقوق سياسية بعقوبة تصل إلى ثلاثة أضعاف عقوبة المتحرش، لذلك لا أستطيع ان أكتب خير ما كتبه الإعلامي يسري فودة: "تحرش بانثى في ميدان عام تعاقب بالسجن ثلاث سنوات، وتظاهر من أجل مطلب سياسي تصل عقوبتك إلى ثلاثة أضعاف العقوبة". الجدل ربما أثاره العديد من الخبراء حينما اتهم الدولة، بأنها لا تستطيع فرض سيطرتها كونها هي من أوت في وقت من الأوقات تلك الذئاب البشرية بغية إرهاب الخصوم السياسيين وإثنائهم عن مواقفهم، فضلاً عن التحرش والإيذاء الجنسي للمعتقلين. من جانبه، ربط مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي محمد زارع، بين ما حدث ليلة تنصيب الرئيس الأحد قبل الماضي من تحرش جنسي جماعي لمرأة وبنتيها والصراع السياسي الدائر حالياً في البلاد، مع تنظيم "الإخوان"، موضحاً في تصريحات ل"المشهد" أن ظواهر الاعتداء الجنسي باتت مرعبة، خاصة وأن معظم الدراسات أثبتت أنها لا تستهدف المتعة قدر ما تستهدف الإذلال وكسر الأخر. وقال زارع ان جيوش المتحرشين في الأساس تم تربيتهم في كنف الدولة، التي كانت تستغلهم في إرهاب المعارضين السياسيين، أو انتزاع اعترافات من معتقلين بغرض اذلالهم، موضحاً أن الدولة في وقت من الاوقات استخدمت جيوش المتحرشين ضد العديد من الشخصيات العامة في الدولة لابتزازهم، مثل الصحفية المصرية نوال، التي كانت تعارض سياسات الحزب الوطني آنذاك، فتم اغتصابها على سلالم النقابة من قبل رجال ونساء، وتم في النهاية تسجيل القضية ضد مجهول، والكاتب الصحفي عبدالحليم قنديل منذ فترة، فضلاً عن استخدام جيوش المتحرشين في إزلال المعتقلين، لانتزاع منهم اعترافات بعينها. وأشار إلى أن تعرية البنات في الميادين وإجراء كشوف العذرية عليهم يعتبر شكلاً من أشكال تحرش الدولة بأفراد الشعب، مشدداً على ضرورة ان يتم تعلي الدولة من سيادة القانون لا من تلك الإجراءات التي لا شك أنها أساءت كثيراً، لأفراد الشعب. بينما رفضت مديرة مركز "فؤادة واتش" ومؤسست حملة "شفت تحرش" عزة كامل بين الواقعة والاستقطاب السياسي الموجود حالياً في المجتمع، مؤكدة في تصريحات ل"المشهد" أن المجتمع بات فاسد الطباع ومنحرف، عن كل القيم والعادات والتقاليد التي لا بد أن تتوافر في المجتمع لضمان مجتمع سليم الاخلاق، مضيفة : "حينما يتم اختزال القضية في الصراع السياسي يتم تهميش القضية الأخلاقية التي باتت تهدد المجتمع بأسره". أوضحت عزة أن القانون وحده لن يكون كافيا لردع المتحرشين ووقف حالات التحرش الجماعى، مشيرة أن ضباط الشرطة يتعرضون لمخاطر قد تودى بحياتهم أثناء محاولات إنقاذ الفتيات من التحرش ولذلك لابد من وجود دوائر أمنية جماعية بمختلف المواقع بالدولة . بينما قالت داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون، إن الاعتداء على الفتيات في احتفالات ميدان التحرير أمس يتخطى جريمة التحرش، وأنه فعل انتقامي حسب تقصي المركز للحقائق وحسب مدلولات مشاهدة الفيديوهات التي رفعت علي اليوتيوب، مطالبة بمحاكمة مرتكبي هذا الفعل باعتباره عمل إرهابي وليس تحرش. أضافت زيادة: "الطريقة ليست مجرد حادثة تحرش وإنما عمل انتقامي، وكانت ضحية ذلك فتاة ليس لها ذنب سوى إنها كانت متواجدة وسط الاحتفال بميدان التحرير"، مشيرة إلى ان "الإخوان" حاولوا تعكير صفو الاحتفالات، وتصدير صورة خاطئة للإعلام الغربي بوجود حالات تحرش وسط ميادين مصر وقت تنصيب المشير السيسي. كما اكد المفكر السياسي وحيد عبدالمجيد أن ما حدث من تحرش في التحرير، الهدف منه سياسي لإرهاب النساء، وتفزيعهن حتي لا يشاركن في أي عمل عام، وليس فقط في المظاهرات والمسيرات وغيرها من الفعاليات الثورية، موصحاً أنها ليست المرة الأولي التي يحدث فيها تحرش سياسي يأخذ شكلا جنسيا. فقد بدأ بعد تخلي حسني مبارك عن السلطة وإحالتها إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة. وكانت "كشوف العذرية" في مارس 2011 هي الخطوة الأولي في اتجاه اللجوء إلي استخدام التحرش الجنسي أداة للقمع والقهر. في الأثناء، أكد الدكتور عبدالحميد زيد، وكيل أول نقابة الاجتماعيين، أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة الفيوم؛ أن ما حدث يعد إحدى نتائج الاستقطاب السياسي والرغبة الملحة في الانتقام ممن اعتبروا منتصرين بفوز من ساندوه؛ فهو نتاج شحن انتقامي ممنهج استغلاله فى تشويه الصورة الجميلة لما حدث فى عملية التصويت والحسم غير المسبوق لإرادة الشعب؛ فمن حمل سلاحاً بيده لا يرغب فى التحرش لإشباع رغباته، بل يريد إحداث واقعة يتم ترويجها لإظهار صورة مغايرة لمن يعبر عن فرحته في ميادين الثورة بما أنجزته من عودة الدولة المصرية.