6 مرشحين يتنافسون على الإعادة في دائرة ملوي    6 مرشحين يتأهلون لجولة الإعادة في دائرة بندر ومركز المنيا البرلمانية    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    التضامن تنظم فعاليات معرض «ديارنا للحرف التراثية» بالجامعة المصرية الروسية    وزير الكهرباء يستقبل سفير أوزبكستان بالقاهرة لبحث التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    أسعار الخضار والفاكهة اليوم الأربعاء 12-11-2025 بالمجمعات الاستهلاكية    أسعار الفاكهة اليوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 في أسواق الأقصر    كامل الوزير: حريصون على تعزيز التعاون والتكامل الصناعي مع جنوب أفريقيا    وزير السياحة والآثار: افتتاح المتحف الكبير أثار شغف المصريين والسائحين بالحضارة المصرية القديمة    وزير الخارجية: العلاقات المصرية التركية التجارية تشهد حالياً زخماً غير مسبوق    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    جوتيريش يهنئ الشعب العراقى على إجراء الانتخابات البرلمانية    وزير الدفاع الإسرائيلى يقرر إغلاق إذاعة الجيش 1 مارس 2026.. اعرف السبب    لابورتا عن رحيل ميسي عن برشلونة: لا أشعر بالندم    الأهلي يضع تجديد عقد ديانج في صدارة أولوياته.. والشحات يطلب تمديدًا لعامين    زيركزي يدرس 5 عروض للرحيل عن مانشستر يونايتد في يناير    موعد مباراة منتخب مصر وأوزباكستان وديًا فى معسكر الإمارات    وصول بعثة يد سموحة للإمارات لمواجهة الأهلى فى نهائى كأس السوبر    القبض على 13 سيدة لقيامهن بممارسة الأعمال المنافية للآداب بالقاهرة    صادر له قرار إزالة وترميم.. تفاصيل انهيار عقار من 8 طوابق بالجمرك فى الإسكندرية    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    ضبط 314 طنا و645 كجم لحوم مجمدة فاسدة خلال حملة تفتيشية مفاجئة فى بلبيس    ننشر ما لا تعرفه عن أحمد تيمور زوج مي عز الدين    متحدث الوزراء: 19 ألف زائر يوميا للمتحف المصرى ونستهدف 30 مليون سائح سنويا    محمد محمود عبدالعزيز يحيي ذكرى وفاة والده: بتوحشني وهتفضل واحشني    فيلم «السلم والثعبان: لعب عيال» يكتسح شباك تذاكر السينما في 24 ساعة فقط    خالد سليم ينضم لأبطال مسلسل ست الحسن أمام هند صبرى فى رمضان 2026    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    دار الإفتاء توضح حكم القتل الرحيم    وزير الصحة: انجازات تاريخية فى القضاء على 7 أمراض المعدية    طريقة عمل كفتة الفراخ بخطوات بسيطة وطعم لا يقاوم (الخطوات والمقادير)    قصر العينى يحتفل بيوم السكر العالمى بخدمات طبية وتوعوية مجانية للمرضى    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    أمير قطر يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء غدا الخميس    محافظ الفيوم يشهد الندوة التوعوية"دور الرقابة الإدارية في الوقاية من الفساد ومكافحته"    كمال شعيب: قرار سحب أرض الزمالك "باطل".. وسنستعيد حق النادي بالقانون    5 عروض مسرحية بينها 2 لذوي الهمم ضمن فعاليات اليوم الثاني ل «القاهرة للطفل العربي»    وزير الصناعة يتفقد أجنحة شركات السيارات والمكونات في معرض"MEA Industry"    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    بسبب علاقة عاطفية.. تأييد الحكم على المتهم بقتل حفيدته بالاشتراك مع آخرين في الشرقية    تعرف على أكبر نتائج مباريات كأس العالم للناشئين بعد ختام دور المجموعات    مخلصين جدا وعندهم ولاء.. ما هي أكثر الأبراج وفاء فى العلاقات؟    اليوم.. عزاء المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    المصرية جمانا نجم الدين تحصد لقب أفضل قنصل لعام 2025 في المملكة المتحدة    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    محافظ أسيوط يحضر برنامج تدريب الأخصائيين على التعامل مع التنمر    أونتاريو الكندية تستضيف اجتماعا لوزراء خارجية الدول السبع    مباحث الجيزة تكتشف جريمة بشعة داخل شقة مهجورة فى بولاق الدكرور    محافظ الغربية: رفع درجة الاستعداد القصوى لانتخابات مجلس النواب 2025    استقرار سعر الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 12 نوفمبر 2025    بيزيرا: لم أقصد الإساءة لأحد.. وأعتذر عن الخطأ غير المقصود    الصحة: لقاح الأنفلونزا لا يسبب الإصابة بالعدوى وآمن تماما    عباس: الإجراءات القانونية بشأن تسليم الفلسطيني هشام حرب لفرنسا في مراحلها النهائية    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    حبس المتهم بالتسبب في وفاة والدته بعيار ناري أثناء لعبه بالسلاح بشبرا الخيمة    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد حسن الشجاعي..
نشر في القاهرة يوم 17 - 04 - 2012


الشجاع ولد محمد حسن الشجاعي بقرية أبوالعز مركز كفر الزيات بمحافظة الغربية في 7 سبتمبر 1903، وكان يهوي الموسيقي منذ نعومة أظافره فاتجه إلي تعلم فنونها ودرس العزف علي آلة الترومبيت ثم بدأ رحلته مع الموسيقي في سن مبكرة عازفًا في مسارح الدرجة الثانية بروض الفرج، وفي عام 1921 عندما كان عمره ثمانية عشر عامًا التحق بالعمل بفرق موسيقي الجيش، وانتقل منها إلي أوركسترا القصر الملكي. وفي نفس الوقت واصل الشجاعي دراسة الموسيقي فالتحق بمعهد بوجرين للموسيقي وحصل في عام 1934 علي دبلوم القسم العالي للتأليف الموسيقي. وبعدها التحق بوزارة المعارف للعمل كمدرس لمادة الموسيقي وفي نفس الوقت تم إنشاء الإذاعة المصرية وتولي الموسيقي مدحت عاصم شئون الموسيقي بها، والذي بدأ يبحث عن الكوادر المؤهلة التي تعاونه في إنشاء ذلك القسم وكان أول من خطر علي باله في هذا الشأن هو صديقه محمد حسن الشجاعي فأخذ يبحث عنه وعرف أنه يعمل مدرسًا للموسيقي في مدينة دمنهور فاتصل به. رسالة ويحكي مدحت عاصم بنفسه ما دار بينه وبين الشجاعي وذلك في مرثية كتبها عنه بعد وفاته بعنوان رسالة إلي محمد حسن الشجاعي: عندما أنشئت الإذاعة وتوليت بعض الأمر فيها كنت أول من خطر ببالي الاستعانة به.. ورحت أبحث عنك وأنت مختف عن الأضواء تعمل مدرسا متواضعًا للموسيقي في دمنهور. هل تذكر يا أخي وحبيبي عند عودتك وحضورك سألتني ساخرًا: ماذا تريد مني؟ هل أقود تختا؟ فأجبتك: بل فرقة موسيقية عالمية التركيب، وقلت لك إنه ستكون هناك فرقتان، إحداهما للتخت الشرقي، أما الثانية فأوركسترا تتولي أمره.. وأخذت تعمل يا صديقي في جهد ودأب، ولم يكن يومها الأجر مجزىًا. كنت تتحمل نفقات سفرك قادمًا من دمنهور كل أسبوع ونفقات الكتب الموسيقية وجمع مختلف المؤلفات العالمية الخفيفة وموسيقي المسرح الذي كنت تؤمن بأنه السبيل للارتقاء بموسيقانا بقولك إن الدراما هي التي نفتقدها في موسيقانا وأغانينا، ولابد من إدخال عنصر الدراما فيها حتي يتحقق التطوير. كنت لا أملك أن أناقشك.. كنت أستمع إليك كما يستمع التلميذ إلي أستاذه. ومنذ عام 1934 بدأ محمد حسن الشجاعي العمل في الإذاعة بنظام الأجر مقابل العمل وقام بتأسيس أول أوركسترا عربي كانت إحدي دعامات الإذاعة المصرية عند افتتاحها وكان يقدم من خلالها المؤلفات الموسيقية العالمية والمؤلفات الموسيقية المصرية المتطورة التي كانت تجمع بين سلاسة اللحن العربي وبين العلم والفن والأوركسترا التي كانت نواة أوركسترا الإذاعة التي أصبحت بعد ذلك أوركسترا القاهرة السيمفوني. وقد قام الشجاعي بقيادتها طوال الفترة منذ عام 1934 وحتي عام 1952 واستطاع أن يشق طريقه بعزم وقوة تصل إلي عازفيه، وكان أول وأكفأ مايسترو عربي في عصره يسيطر بشكل كامل علي جميع عازفي الأوركسترا ليخرج منه وحدة فنية متكاملة مدركًا تمامًا وظيفة كل آلة في نسيج اللحن. وقد تنوعت مواهب الشجاعي الموسيقية بين العزف وقيادة الأوركسترا والتأليف الموسيقي. إخناتون فقد قام بتأليف الموسيقي التصويرية لعدد كثير من الأفلام السينمائية بلغ عددها اثنين وخمسين فيلما، كما قام بتأليف عدد كبير من المؤلفات الموسيقية التي تجمع في مضمونها بين تاريخنا القديم وتاريخنا الحديث ومظاهر حضاراتنا، ومن مؤلفاته الشهيرة «إخناتون وهاتور وصلاح الدين وطريق النخيل وليالي القمر» ومن أبرز أعماله أيضًا القصيد السيمفوني «أرض الوطن» وكلها أعمال موسيقية بلغت حد الجودة والرقي. والمعروف عنه أنه اكتفي في مجال التأليف الموسيقي علي مقطوعات وعلي الموسيقي التصويرية للأفلام، فلم يقم بتلحين أية أغنية فردية واحدة. وفي عام 1952 يتولي محمد حسن الشجاعي مهمة الإشراف علي مراقبة الموسيقي والغناء في الإذاعة، ثم ترقي في العام التالي عام 1953 إلي منصب مستشار الموسيقي والغناء في الإذاعة، وظل يشغل هذا المنصب عشر سنوات كان خلالها بمثابة حارس بوابة الغناء الجميل والموسيقي الراقية وصمام الأمان ضد الأغاني الهابطة، فقد كان في عمله يؤمن كل إيمان بمبدأ «لا يصح إلا الصحيح» فقد قام بتنفيذ هذا المبدأ بكل حرص وصلابة. وقد كانت مصر قبل إنشاء الإذاعة المصرية وفي ظل تعدد الإذاعات الأهلية تعيش حالة من الفوضي الغنائية انتشرت فيها الأغاني الهابطة وسيطر علي عالم الغناء عدد كبير من الجهلاء في الموسيقي، وقد امتدت هذه الحالة عدة سنوات بعد إنشاء الإذاعة الأمر الذي دفع شاعر الشعب بيرم التونسي إلي إطلاق صيحته الشهيرة. يا أهل المغني دماغنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله وفي هذا الجو يتولي محمد حسن الشجاعي مسئولية الغناء والموسيقي فيقود معركة عاتية مع تجار أغاني الجهلاء. وعن معركته مع صانعي الأغنية كتب الإعلامي الكبير سعد لبيب الذي كان يشغل منصبا قياديا في الإذاعة قبل انتقاله إلي التليفزيون عام 1960، وقد عاصر الشجاعي عدة سنوات، ففي مرثية كتبها سعد لبيب عن محمد حسن الشجاعي إثر وفاته قال: كان هو الرجل الذي يقف من وراء كل ما يدخل البهجة في نفوسنا من ألوان الغناء والموسيقي والبرامج الإذاعية الغنائية الموسيقية، وما انشق عنها وتأثر بها من فنون في السينما والمسرح، وذلك طوال السنوات الأخيرة من حياتنا وهي فترة لا تقاس بعدد السنين وإنما تقاس بموضعها في تطورنا الحضاري وهو الذي يجعلها أكثر أهمية من قرن كامل من عمر الزمن. ولم يكن الشجاعي يقف من وراء هذه الحركة يراقب سيرها، ويباركها أو يسخط عليها، وإنما كان يدفعها بيديه القويتين الواثقتين دفعا ويوجهها الوجهة التي يعتقد أنها سليمة والتي أثبتت الأيام أنها كانت في حياتنا بمثابة الضرورة الحضارية التي كان حتمًا علينا أن نصل إليها مهما كانت العقبات.. وكان الشجاعي يمثل دور فيلسوف الحركة وقوتها العقلية المحركة، ويضيف سعد لبيب في مرثيته لم يكن الشجاعي صانع أغاني، ولكنه كان العقل الذي يحركها والقلب الذي يسمح لها بالحياة أو يتركها لمصيرها، ولم يكن هذا الذي أراده ينسجم مع عقلية الآخرين الذين أنسوا إلي رخاوة الأغنية وكسلها ورتابتها وجهالتها، ولذلك كان لابد أن يخرج الكثيرون من صناع الأغنية من الميدان كله بسبب الشجاعي، وكان علي الباقين أن يبذلوا فوق ما كانوا يبذلون من جهد ومشقة، فكانت معركة استخدم فيها خصومه كل الأسلحة. ولم يكن بعضها نظيفا ولكنه صمم علي المضي في طريقه، اشترط أن تكون الأغنية مراعية لأصول التأليف الموسيقي وأن تكون جملتها الموسيقية متكاملة سليمة البناء، فيها التركيز وعدم تكرار الجمل الموسيقية وتنوع النغم، وحدد لها مددا لا تتجاوزها، واشترط في كثير من الأحيان أن تدخل فيها عناصر التوزيع الموسيقي وحدد عددا للعازفين المصاحبين للغناء لا يمكن الإقلال منه، وأبعد عن التأليف الموسيقي والتلحين كل الأميين الذين لا يعرفون كيف يكتبون أو يقرأون لغة الموسيقي حتي يضمن حدا أدني من العلم بأصولها ونجحت التجربة بعد كثير جدا من الجهد والصبر والمعاناة. وبعد عشر سنوات وفي 11 يوليو سنة 1960 قبل سن المعاش بعدة أيام ينطفئ المصباح الذي أضاء عالم الغناء ونقاه من الشوائب ومن الرداءة. مات محمد حسن الشجاعي حارس البوابة، وبعدها انفتحت البوابة علي مصراعيها لنعود مرة أخري إلي زمن رديء وطوفان من الأغاني الرديئة. ولعل أبلغ ما يمكن أن أختم به كلامي عن محمد حسن الشجاعي أن استشهد بعدة أبيات كتبها عبدالرحمن صديق يرثيه فيها قائلا: ليت البكا نافع إن بت أبكيه وراجع عده إن قمت أرثيه لكن ذاك قصاري ما يؤذيه إخوان فن لمن قد كان يحييه دعا لتجديده من غير تمويه ومات من أجله مستشهدًا فيه فاصغوا إلي روحه الشاكي فداعيه يدعو ولا قلب إلا وهو واعيه ولعلنا نطلب منا جميعا محبي الغناء الجميل أن نعاود ونردد مقولة شاعر الشعب بيرم التونسي: يا أهل المغني دماغنا وجعنا.. دقيقة سكوت لله.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.