يحكى أن جحا قابله بالسوق رجلاً صفعه على "قفاه"، فالتفت جحا للرجل غاضباً إلا أن الرجل أخبره بأنه حسبه أحد رفاقه، ولكن جحا أصر على أن يذهبا للقاضي ليحكم بينهما، فاستقبلهما القاضي وسمع روايتهما، وكان الرجل على صلة وصداقة بالقاضي فحكم على الرجل - قاصداً أن يصرفه ويعطيه الفرصة للهرب - بأن يدفع لجحا تعويضاً عشرة جنيهات، وأمره أن يذهب ليحضر المال، وذهب الرجل فطالت غيبته، ففطن "جحا" أن "الرجل" و"القاضي" قد احتالا عليه، فما كان منه إلا أن صفع القاضي على "قفاه" وأخبره أن يأخذ هو المال من الرجل عندما يعود، وتركه وانصرف. تذكرت هذه الحكاية عندما قرأت عن الأموال التي رصدها عدد من الأمراء والشخصيات العربية كفدية لتخليص مبارك "المخلوع" من المحاكمة، حيث مبارك هو "الرجل"، والقاضي هو من يريد دفع هذه الأموال ليخلص الرجل، وشعب مصر هو "جحا" الذي شبع تلطيماً على "قفاه" - وأجزاء أخرى من جسده - وامتهنت كرامته على مدى عقود من قبل "الرجل" و"القاضي" على حد سواء، فهل يتقبل "جحا" صفعة جديدة من أجل مال "القاضي" ويصفح عن "الرجل"؟ أم يقتص من الرجل، ويلقي بالمال في وجه القاضي ويستعد كرامته التي أهدرت من كثرة الصفعات؟