تتسارع وتيرة التطورات التكنولوجية بأنظمة المعلومات والاتصالات في السيارات الحديثة، حيث يتمكن السائق حاليًا عن طريق مقصورة القيادة من التعرف عما إذا كانت إشارة المرور التالية خضراء أم حمراء، كما يمكنه استكشاف خلو الطريق من السيارات ومعرفة ما إذا كانت هناك سيارة قادمة من الجانب في تقاطعات الطرق. غير أن الأنظمة الشبكية بالسيارات قد تقع فريسة في براثن القراصنة الذين قد يخترقونها ويتسببون في وقوع حوادث جسيمة. وقال هوبيرت باولوس، من المركز التقني التابع لنادي السيارات (ADAC) في مدينة لاندسبيرغ الألمانية، إن السيارات ستتواصل مع بعضها البعض في المستقبل للتحذير من المخاطر المحتملة على الطريق، إضافة إلى دمج البنية التحتية للمرور، مثل إشارات المرور، مع عملية تبادل البيانات لاسلكيًا مع السيارات. وفي خضم هذه التطورات التكنولوجية يمكن أن يتسبب قراصنة الكمبيوتر والإنترنت أو الهاكرز في وقوع حادث عن طريق اختراق عملية تبادل البيانات بين السيارات وإشارات المرور، بحيث يتم تحويل جميع الإشارات إلى اللون الأخضر. ورغم أن هذا الرعب الافتراضي من وقوع حوادث مأساوية بسبب الهاكرز لا يزال هواجس مستقبلية، إلا أنه يجري حاليًا عمليات تطوير تقنيات الاتصال بين سيارة وأخرى Car-2-Car أو تقنية الاتصال Car-2-X، أي عندما يتم ربط السيارة بالبنية التحتية للمرور مثل إشارات المرور. وسيصبح هذا الخطر أكثر واقعية عندما يزداد الاتجاه نحو مواصلة ربط السيارة بالشبكات المختلفة، وتصبح التقنيات أكثر نضجًا. وأوضح باولوس أن هناك بعض المخاوف من أن يتم التلاعب بأنظمة السيارات عن بعد، موضحًا:"لقد أصبحت السيارة بمثابة جهاز كمبيوتر، بمعنى أنه يمكن للمرء القيام بأي شيء من خارجها". ولكنه لا يتوقع حدوث مشكلة حقيقية في السيارات حاليًا من جراء التلاعب في أنظمتها التكنولوجية عن بُعد. ومع ذلك فإن خطر حدوث مشكلات بسبب الهاكرز أو الفيروسات ليس مستبعدًا تمامًا، حيث يمكن للغرباء اختراق السيارات الحديثة المزودة بأنظمة معلومات وترفيه متطورة من الخارج. ويلتقط ماركو فولف، الذي يعمل على تطوير أنظمة أمان لتكنولوجيا المعلومات خاصة بالسيارات لدى شركة Escrypt للأنظمة الإلكترونية المدمجة في مدينة ميونيخ، طرف الحديث ويقول:"من الناحية النظرية يمكن اختراق وحدات المعلومات والترفيه بالسيارات، إذا كانت هناك ثغرة أمنية في النظام، وهو احتمال قائم بدرجة كبيرة نسبيًا". ويمكن اختراق هذه الأنظمة عن بُعد بواسطة الهواتف الذكية عن طريق شبكات الاتصالات الهاتفية الجوالة وكذلك عن طريق واجهة GSM أو عبر شبكة WLAN اللاسلكية. ولكن لا يعتقد خبراء تكنولوجيا المعلومات بوجود خطر حقيقي، من أن التدخل في أنظمة السيارة عن بُعد بواسطة الهاتف الذكي قد يؤدي إلى كبح السيارة أو توجيهها أو تسارعها. ومعذلك يمكن إجراء هذه العمليات من الناحية النظرية، إذا كانت أنظمة المعلومات والترفيه مرتبطة بالشبكة الكهربائية في السيارة. ولكن البروفيسور كريستوف بار، من معهد هورست غورتس لتكنولوجيا المعلومات بجامعة بوخوم الألمانية، يُطمئن قائدي السيارات الحديثة قائلًا:"لا تزال الأنظمة منفصلة بدرجة كبيرة عن بعضها البعض". وإذا تمكن الهاكرز من اختراق وحدة الملتيميديا بالسيارة، فلن يتمكنوا من إلحاق أضرار كبيرة بالسيارة. وأوضح الخبير الألماني فولف أن الهاكرز قد يتمكنون من حذف ملفات الموسيقى أو بيانات الملاحة أو التشويش على تشغيل الصوت، وليس أكثر من ذلك. ولا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه المطورين في المستقبل، حيث ينبغي أن تدمج وحدة المعلومات والترفيه بشكل أكبر مع الشبكة الكهربائية بالسيارة، من أجل القيام بعملية الصيانة عن بُعد مثلًا عندما يتم تثبيت تحديثات برنامج التحكم في المحرك من الخارج، أو عندما يقوم نظام الملاحة بتوجيه السائق إلى محطة التزود بالوقود في الوقت المناسب، عندما يُوشك خزان الوقود أن يفرغ. وأضاف فولف:"هناك العديد من التطبيقات المفيدة التي تقوم بدمج وحدة المعلومات والترفيه مع الشبكة الكهربائية بالسيارة. كما توجد أيضًا العديد من الخيارات الموثوقة، التي تتيح للمرء إمكانية القراءة فقط في الشبكة الكهربائية للسيارة". ولا يعتقد الخبراء أن الهاكرز يمكنهم التلاعب بأنظمة السيارات أو تدفقات حركة المرور، والتسبب في وقوع حوادث في الوقت القريب؛ نظرًا لافتقارهم إلى المال والقوى البشرية. وأوضح فولف أن اكتشاف ثغرة أمنية أو إحدى نقاط الضعف قد يستغرق عدة سنوات، فضلًا عن أن الهندسة العكسية لاختراق السيارات الحديثة قد تتكلف ملايين الدولارات. إضافة إلى أن العثور على ثغرة أمنية في إحدى سيارات الركوب لا يعني بالضرورة أنها تمثل منفذًا لاختراق الأنظمة الإلكترونية بالموديلات الأخرى، وأوضح كريستوف بار:"اختراق السيارات لا يستحق كل هذا العناء، فضلًا عن أنه لا توجد هجمات قرصنة إلكترونية إلا إذا كانت هناك محفزات كبيرة بدرجة كافية". ومع ذلك فإن تعطيل مانع الحركة الإلكتروني بالسيارات الحديثة يعتبر أمرًا مجديًا للغاية من وجهة نظر الهاكرز، ويقول البروفيسور الألماني:"يمكن استخدام هذه الحيلة لكسب الأموال من خلال بيع أكواد كسر حماية السيارات إلى شبكات الجريمة المنظمة". وترتبط سرقات السيارات بالقرصنة الإلكترونية بشكل جزئي فقط، حيث يتعين القيام ببعض الإجراءات الفعلية على السيارة، مثل كسر النوافذ وفتح غطاء المحرك وتوصيل جهاز اللاب توب لإعادة برمجة نظام التحكم في المحرك. وبنفس الطريقة يتم التلاعب في بيانات عداد السرعة، والتي تمثل مشكلة أكثر إلحاحًا بالنسبة لخبراء نادي السيارات الألماني (ADAC) في الوقت الحالي؛ لأنها تعتبر تلاعب في السيارة بشكل حقيقي. ولكن خبراء تكنولوجيا المعلومات يأخذون المخاطر المحتملة لتعرض السيارات لهجمات قرصنة لاسلكية مع تزايد التطور التقني على محمل الجد. وقد اتخذت مجموعة العمل التابعة لرابطة اتصالات Car-2-Car، التي تضم مجموعة من شركات السيارات والشركات المغذية، بعض الاحتياطات بالفعل، وطورت آلية حماية تعتمد على التوقيعات الرقمية، وذلك لحماية أخبار Car-2-X من التعرض للتلاعب والتزوير.